لا توجد أي مؤسسة حكومية أو غير حكومية إلا وبها من يُطلق عليه لقب «مستشار» ويفرح عندما يناديه الآخرون باسم المستشار ويغضب إذا لم ينادوه بهذا الاسم.
وقد فقد هذا المسمى قيمته وأهميته ودوره بسبب إطلاقه دون ضوابط على البعض ممن لا يحملون المؤهلات والخبرات التي تؤهلهم له، بل إن هناك نماذج أساءت لهذا المسمى.
ففي الواقع قد تكون بعض القرارات بحاجة إلى دراسات قبل اتخاذها من جانب المسؤولين، وهنا تكمن أهمية المستشار في بعض المواقع عندما يملك المؤهلات والمهارات التي يستطيع توظيفها للبحث حول أي موضوع وإعداد الرأي الاستشاري المعتمد على دراسات في مجالات متعددة.
ويجب ألا يكون للمستشار أي تأثير مباشر في اتخاذ القرارات، بل يقدم الدراسات ويترك للمسؤول الاختيار بين الخيارات المتاحة وتوضيح لكل منها مميزاته وعيوبه وعرض كل الدراسات المؤيدة للرأي، فهناك من حاملي أعلى المؤهلات ولكنهم لا يستطيعون القيام بمهمة المستشار والبعض قد يحول وظيفة المستشار إلى وظيفة جامدة وجافة، فقد يكون المستشار لا يتمتع برؤية واضحة حول المؤسسة التي يقدم لها الاستشارات.
وقد يتحول بعض المستشارين إلى أصحاب مصالح وأهواء خاصة لأسباب نفسية أو اجتماعية، ما يؤدي إلى حدوث الكوارث في المؤسسة بسببهم لأنهم يحملون المسمى ولا يستحقون المضمون والجوهر منه.
أما المسؤول في أي مؤسسة فإنه يحدد ماذا يريد من المستشار ومن هم المستشارون الذين يحتاج اليهم بالعمل وما دورهم بالتحديد وما حدودهم، فمن الأمور الغريبة أن تجد في بعض المؤسسات مستشارين يسيطرون على المسؤولين ويقومون بالوصاية الكاملة عليهم بإدارة العمل في المؤسسة وهذا دليل على ضعف المسؤول وضحالة قدراته الإدارية.
وأحيانا تجد أعدادا كبيرة من المستشارين في مؤسسات لا يوجد بهيكلها الإداري هذه الوظيفة وأصبح البعض يستخدم مسمى مستشار لتجميد البعض وإبعادهم عن مواقعهم.
وأتمنى من مجلس الخدمة المدنية باعتباره الجهة المسؤولة عن التوظيف والهياكل الإدارية أن يعد دراسة عن أعداد المستشارين في جميع الوزارات وإنجازات كل منهم وتوزيعهم وتكلفتهم على الدولة وما يتمتعون به من مزايا قد تكون شديدة السخاء، وتشكل العبء الكبير على الميزانيات، وذلك لتقييم الوضع الحالي وخاصة عندما يكون وجود بعض المستشارين هو أحد أسباب الفشل الإداري والترهل في بعض المواقع، إذ لا بد من قرارات شجاعة لتصحيح ما لحق من أضرار ببعض المواقع بسبب نماذج غير منتجة من بعض المستشارين الذين لا يحملون ما يؤهلهم لهذا المسمى.
وإن كان القول المأثور «قل لي من أصدقاؤك أقل لك من أنت» فإنه من حقنا أن نقول «قل لي من مستشارك أقل لك من أنت».