عادة نرى العديد من الصور في وسائل الإعلام عن بعض الزيارات الميدانية «المفاجئة» للمسؤولين إلى إحدى الإدارات أو الوحدات التابعة لهم، ولكن ما يضحكنا أننا لا نجد ما يوحي بأن الزيارة كانت «مفاجئة»، إذ أن المكان تم تحضيره لهذه الزيارة ويتواجد المستقبلون بكل مستوياتهم قبل وصول المسؤول.
إن هذه الزيارات تهدف إلى بث الخبر الإعلامي بغض النظر عن الوقت المستغرق سواء لانتظار المسؤول أو لدعوة وسائل الإعلام أو للإخراج الفني وعمل مونتاج هذه الزيارة وكل ذلك بسبب تدني الأداء وضعف واهتزاز الثقة ببعض المرافق والمؤسسات، إذ يتم تنظيم هذه الزيارات لتغطية جميع أوجه القصور في المؤسسة.
وأحيانا نجد بعض المسؤولين قد يجهلون جغرافيا الأماكن التي تتبعهم إداريا مما يجعلهم يفشلون في الوصول إليها مما يوضح أن المسؤول لا يكترث بالعمل ويقبع في مكتبه معظم أوقات الدوام دون التواصل مع مرؤوسيه ودون تفقد سير العمل على أرض الواقع.
وقد تكون الزيارات الميدانية ضرورة مستحقة وبشدة في بعض الأحيان وخاصة في أوقات الطوارئ والأزمات، وعندئذ يجب أن تتوافر لدى المسؤول مهارات القدرة على اتخاذ القرارات الفورية والقيادة في الميدان بعيدا عن الروتين الطويل.
إن اعتدال المسؤول في الزيارات الميدانية والحرص على الاستفادة منها يحسب له، أما الزيارات التي تكون دوافعها إعلامية للظهور في وسائل الإعلام بالابتسامة العريضة فإنها بدون أي فائدة مرجوة ولن تخدم المؤسسة بما يفيدها حتى وإن كان حديث المسؤول منمقا ومعدا سلفا بعناية وبدقة ومهما كانت الصور والأفلام التي تنشر عن الزيارة في وسائل التواصل الاجتماعي سواء من المسؤول نفسه أو من محبيه ومتابعيه، ولو تابعنا ما ينشر في الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي لاكتشفنا بسهولة ما ابتليت به بعض المؤسسات من ممارسات تندرج ضمن ما سبق وتستوجب وقفة جادة حيالها.
إننا نريد مسؤولين يعملون بجد وإخلاص ولا يلهثون ضاحكين تحت أضواء الكاميرات بدون إنجازات واقعية.
أتمنى أن يخصص كل مسؤول يوما محددا يلتزم فيه بالزيارات الميدانية الجادة البعيدة عن الكاميرات لتلمس مشاكل العمل على أرض الواقع والتدخل لراحة المواطنين المراجعين فقد يفوز بدعاء مضطر أعطاه الحل لمشكلته ميدانيا أو بدعاء مسنّ أخذ بيده وجعله في مقدمة طوابير المراجعين.
وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم، والعبد راع على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته».