تعودنا كأطباء على وصف الدواء للمريض حسب التشخيص ودون أن نحاول معرفة مذاقه وكذلك هناك بعض الإبر المؤلمة ولكن لا يعرف الطبيب كم هي مؤلمة بالنسبة للمريض، وقد يتحمل المريض المذاق المر أو ألم الإبرة أملا في الشفاء والتخلص من آلامه. وهذا باستثناء الأطفال الذين يعبرون عن رفضهم لألم الإبرة بالهرب أو برفس الطبيب أو الممرضة.
وكلما تحسنت حالة المريض مع العلاج المر أو المؤلم فإن تقبله للمرارة أو للألم يزداد وتفتح أمامه أبواب الأمل بالشفاء والعودة للحياة الطبيعية. وهكذا المجتمعات تستطيع الصبر على بعض القرارات المرة والمؤلمة عندما ترى في نهاية النفق بصيص النور وتسمع ما يبشرها بقرب انفراج الأزمة وهو ما نحتاج اليه الآن من خطاب إعلامي رصين يشرح للجميع مؤشرات انفراج الأزمة ومتى نلقي الدواء المر جانبا أو نتحمل مرارته إلى حين أملا في شفاء ينتظره الجميع. ولكن يبدو أن الرسائل الإعلامية المتعلقة بأزمة كورونا المستجد تميل إلى التخويف والترويع ويغيب عنها أهمية بث الأمل ورفع المعنويات للجميع والتحفيز على مضاعفة الجهود للتصدي للوباء العالمي.
بل إن من يتابع الأداء الإعلامي لوباء كورونا المستجد يجد أن الإعلام قد أصبح أداة للترويع ولنشر الإحباط بكل اللغات والأساليب وهو بلا شك حرب نفسية ضد الجميع وعلينا أن نعيد النظر في أسلوب التعامل الإعلامي ونشر ما يرفع الروح المعنوية وما يبعث على الأمل في المستقبل وأن ننشر المؤشرات الإيجابية للشفاء والنجاح في السيطرة على الوباء وتراجع معدلات الإصابات والوفيات في بعض الدول بدلا من التركيز اليومي على أعداد الإصابات والوفيات وإحصائيات الخسائر بينما يعرف المتخصصون الكثير عن الثغرات في دقة الإحصائيات حتى تلك التي تنشرها منظمة الصحة العالمية والتي ترتكز على ما تبلغها به الدول عن الحالات المؤكدة بالفحوصات المخبرية.
ويعرف المتخصصون أيضا أبعاد الجدل حول الفحوصات المخبرية ودقتها وهي أمور يجب ألا تغيب عن الجميع ضمن الشفافية بالطرح الإعلامي وما يسببه المرض والدواء من مرارة وآلام وتداعيات اقتصادية واجتماعية وسياسية غير مسبوقة على مستوى العالم بأسره الذي يتطلع إلى بريق أمل وبصيص نور ولو في آخر النفق الذي شارك الإعلام في وضع العالم به بقصد أو دون قصد.
ما نحتاج اليه الآن هو تقييم موضوعي ومحايد ومهني للأداء الإعلامي للتعامل مع وباء أو جائحة كورونا المستجد وما فعله الإعلام في الأفراد والمجتمعات حتى نقوي العزائم ونتمكن من القضاء على هذا الوباء دون خسائر كبيرة ودون أمراض نفسية بعد الانتهاء من الوباء.