تنشر المواقع الإعلامية على مدار الساعة إحصائيات عن الجزء الفارغ من الكوب، ونادرا ما ينشر خبر عن الجزء المملوء من الكوب فيكون لما ينشر أثره المفزع على جميع أفراد المجتمع ومن بينهم القيادات ومتخذو القرار.
وفي مقدمة الإحصائيات أعداد الوفيات وليس معدلات الوفيات وكذلك الأرقام التجميعية عن حالات الإصابة وليس معدلات الإصابة، وعندما نقف أمام ما ينشر نتساءل عن السبب في عدم نشر الوفيات والإصابات منسوبة لعدد السكان في كل دولة (مثلا ٣ لكل مائة ألف من السكان) بدلا من ٦٠٠ في دولة تعدادها ٢٠ مليونا، ونتساءل أيضا: هل يوجد في دول العالم أنظمة إحصائيات قادرة على إعداد ونشر إحصائيات على مدار الساعة عن الوفيات والإصابات والتي تترتب عليها قرارات تتعلق بالحياة والتعليم والاقتصاد؟
ويعرف الجميع ان العدوى بفيروس كورونا وضعت الأنظمة الصحية أمام تحديات كبيرة ومن بينها تحدي الإحصائيات الصحية، ومن ثم فإن عرض إحصائيات دقيقة وفي صورة معدلات منسوبة إلى السكان مع عرض إحصائيات الشفاء قد يرسم صورة أخرى أقل قتامة من الصورة الحالية التي رسمتها طريقة عرض الإحصائيات على المجتمعات وعلى متخذي القرار والتي وضعت البشرية في نفق يفتقد إلى بصيص نور يبعث على التفاؤل.
وماذا لو بدأنا بعرض وقراءة الإحصائيات منسوبة لأعداد السكان وتبدأ بالحالات التي شفيت بعد إصابتها بالعدوى وهي رسائل إيجابية سيستفيد منها متخذو القرارات على مستوى جميع دول العالم.
أما الطريقة الحالية لعرض الإحصائيات فقد وضعت الجميع أسرى لدى الأرقام التي تحتاج إلى تدقيق ومراجعة متخصصة.
وأصبح الرأي العام والقرارات المتعلقة بالاقتصاد والحياة اليومية والترابط الاجتماعي تحت تأثير إحصائيات يصعب قبولها بوضعها الحالي بما تحمله من مثالب مجحفة للواقع.