فجأة أصبحت كلمة الأمن الصحي هاجسا يؤرق الدول والمجتمعات والأنظمة وأصبحت مدخلا ومبررا للعديد من الإجراءات المشددة ويخطئ من يخلط بين الأمن الصحي ووزارات الصحة لأن هذا الخلط سيحمل وزارات الصحة مسؤوليات أكثر من قدراتها وطاقاتها.
وعندما تصدر خطط أو قرارات تتعلق بالأمن الصحي فإن تنفيذها بل والرقابة عليها لا تقل أهمية عن وضع الخطط ونشرها وإعلانها، وعلى سبيل المثال فإن الخطة التي أعلنها مجلس الوزراء بخصوص العودة للحياة الطبيعية تدريجيا ومن خلال المرور بخمس مراحل تتطلب متابعتها ما هو أكبر وأكثر اتساعا من قدرات وزارة الصحة التي تضطلع بمهام فنية للوقاية والعلاج ومتابعة المستجدات الوبائية العالمية.
أما متابعة مدى الامتثال بمعايير واشتراطات كل مرحلة من مراحل عودة الحياة الطبيعية ومزاولة الأنشطة المحددة في كل مرحلة فإن المتابعة تتطلب وجود فريق مركزي قادر على ذلك ويستند إلى قوانين وقرارات تتعلق بالعديد من الأمور وأنسب الجهات هي بلدية الكويت ووزارة التجارة وهيئة الغذاء والتغذية ووزارة الداخلية.
ومن هنا ينطلق اقتراحي بتشكيل جهاز مركزي للأمن الصحي ومن الأفضل أن يتبع مجلس الوزراء مباشرة ويكون له هيكل إداري مرن ومحدد ويتيح له الفرصة والسلطة لمتابعة قرارات مجلس الوزراء بشأن الأمن الصحي ومن خلال فرق تفتيش مشتركة من تلك الجهات وتعمل على مدار الساعة بمهنية واستقلالية وبدعم وزارة الداخلية لضمان التنفيذ الصحيح لقرارات مجلس الوزراء والانتقال الآمن إلى مرحلة عودة الحياة الطبيعية.
إن ترك تقييم الانتقال من مرحلة إلى أخرى يرتبط بالمراحل السابقة لها ولا يكفي للتقييم قدرات وإحصائيات وزارات الصحة المنهكة بالتصدي واحتواء المتطلبات العلاجية للحالات والمخالطين ومتابعتهم، وليس لدى الوزارة البنية الأساسية لمتابعة الالتزام المجتمعي بمسؤوليات كل مرحلة من المراحل الخمس التي يجب أن تكون متابعتها وفقا لمؤشرات وآليات واضحة ومعلنة وحاسمة وحازمة ودون أي ضغوط أو مؤثرات ولنترك للصحة مهامها الرئيسية لتعيد ترتيب برامجها التي توقفت منذ أكثر من ثلاثة أشهر مثل برامج تطعيم الأطفال وبرامج الجودة وبرامج تطوير الأداء.
ولنترك وزارة الصحة لتتفرغ لتحويل الأرقام والمعدلات والمؤشرات إلى معلومات مفيدة بمشاركة المتخصصين من الجامعة ومراكز البحوث، حيث إن ذلك عمل فني متخصص يترتب عليه وضع وتنفيذ ومتابعة سياسات وإجراءات تتعلق بالدولة والاقتصاد وكل مجالات الحياة.