تستيقظ المحروسة كل بضعة أسابيع على كارثة متكررة.. حريق هائل يلتهم برجا سكنيا او مصنعا او منطقة تجارية ويتسبب في عشرات الضحايا والمصابين.. والسبب واحد ومتكرر: مخزن غير مرخص للكيماويات أو لسوائل التنظيف سريعة الاشتعال أو مصنع (تحت بير السلم) يصنع كل شيء دون حسيب او رقيب والنتيجة عشرات الأرواح البريئة سواء من العمال او الجيران او المارة، تستشيط السوشيال ميديا غضبا وتشتعل برامج التوك شوز و«تلعلع» حناجر المسئولين مطالبين بالويل والثبور وعظائم الأمور لتتنزل على رأس صاحب المخالفة.. ثم تخرج علينا رانيا يوسف بفستان جديد يشعل حريقا في الصدور فتحوّل العيون وتتحول البرامج وتعوج الألسن ما بين مؤيد ومعارض وننسى الحرائق ونتناسى الانفجارات التي أودت بحياة المساكين في انتظار حريق آخر لنعيد الكرة بحذافيرها وكأننا شعب يمتلك ذاكرة سمكة.
هذه المرة تزامن التفجير الذي ازلنا به (برج فيصل) الشهير على الطريق الدائري مع حريق مصنعي الكيماويات والملابس الجاهزة بمدينة العبور والذي راح ضحيته اكثر من 40 قتيلا ومصابا، اما برج فيصل الذي اضطررنا لتفجيره، فأذكركم أن النيران ظلت مشتعلة به لأكثر من 6 ايام، بسبب إنشاء صاحب البرج مصنعا للأحذية المطاطية في بدروم العقار، ومخزنا في أحد أدواره العليا، دون اتباع أي إجراءات لتأمين المواد المستخدمة في هذه التجارة رغم أنها سريعة الاشتعال، والنتيجة أن عشرات الاسر التي تقطن هذا العقار عاشت في أزمة كبيرة، بالإضافة إلى تهديد لحياة الآلاف ممن يمرون قرب العقار على الطريق الدائري حتى تم تفجيره، والحمد لله أن التفجير تم بمهارة وحرفية منعتا تأثر الأبراج المجاورة.
هذه الكوارث مرشحة للتكرار في أماكن أخرى للسبب ذاته، وهو إنشاء مشروعات عالية المخاطر، داخل الكتل السكنية وأسفل العمارات، دون أدنى مراعاة لاشتراطات الأمان والسلامة الصناعية، على الرغم من تنظيم القانون لهذا النوع من الأنشطة الصناعية والتجارية.
ويبدو أن المسألة لا تتعلق فقط بقصور القوانين أو ضعف العقوبة، بل القصور والتقصير يتمثلان أيضا في تهاون منفذي القانون وإهمال أصحاب الأعمال وغياب الوعي المجتمعي والمعرفة بحقوق أفراد المجتمع.
فلو علم المسئول المتقاعس أو (المتغاضي) الذي منح الترخيص للمصنع المخالف أنه سيعاقب وأن جريمته ستلاحقه وسيدفع ثمنها وحق المجتمع من ماله الحرام حتى لو استقال من منصبه أو خرج الى المعاش، فسوف يفكر الف مرة قبل ارتكاب جريمة (التغاضي)!!
ولو عرف صاحب المصنع انه سيدفع غرامة موجعة وسيسحب ترخيصه ويمنع من مزاولة أي نشاط صناعي باسمه بقية حياته فسيمتنع حتما عن المخالفة.
ولو أدرك ساكن العقار او الجار القريب أن من حقه أن يعيش في بيئة آمنة فسيبلغ عن المخزن المخالف أو المصنع القائم (تحت بير السلم).
وأخيرا وللأسف فإن من يأمن العقوبة يسئ الأدب.
وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.
www.hossamfathy.net
Twitter: @hossamfathy66
Facebook: hossamfathy66
Alanba email ID
[email protected]