استكمالاً لحديث الأمس حول «إعادة صياغة الشخصية المصرية»، وتصويب صورة «المصري» في الخارج، وقبل الولوج الى لب الموضوع والخوض في ركائز إعادة بناء الإنسان، دعونا نجب عن سؤال المسؤول المصري الذي طرحه علينا خارج مصر والخاص بصورة المصري في الخارج.
أولاً، وكما أشرت في مقال الأمس لا بد أن نعترف بأن «المصري» بطبيعته لا يميل للهجرة - إلا مضطراً - وهو أميل للاستقرار حول النهر الخالد، وعندما خرج من مصر سواء لتحسين ظروف معيشية أو هرباً من أوضاع سياسية بعد ثورة يوليو 1952 اتجه الى أوروبا وأميركا ودول الخليج..
من ذهب إلى أوروبا والغرب فقد اندمج مع ثقافة هذه المجتمعات، أما من توجه الى دول الخليج فقد كان يحمل هويته وصفاته ويتمسك بها سلوكاً ومظهراً وعلاقات كونه يعلم انه لا بد عائد إلى مصر، بعد عام أو 30 عاما، وكان المصريون وقتها يختلفون تماما في منظومة قيمهم وعاداتهم وسلوكياتهم عما نحن عليه اليوم، ولا تسألني كيف ولماذا.. فهذا أمر شرحه يطول، وهناك مفكرون وعلماء اجتماع ألّفوا الكتب وأعدوا الدراسات تحت عنوان عريض (ماذا حدث للمصريين؟).. ويمكن الرجوع إليها.
.. ثانيا فقد فرضت عوامل عديدة تغيير التركيبة المهنية للمصريين في الخليج، بعد ان كان وجودهم منحصرا في فئات معينة كالقضاة والأطباء والمهندسين والمدرسين والإعلاميين والمحاسبين، اتسع المجال ليشمل فئات ومهناً أخرى كالعمالة البسيطة والحرفيين غير المهرة والبائعين وحراس المباني والمدارس وعمال توصيل الطلبات، وبطبيعة الحال
فإن الفئات الجديدة أقل تعليماً وثقافة - بالرغم من أن أغلبهم - للأسف - من خريجي الجامعات!! - وبالتالي تغيرت تركيبة الجاليات المصرية في دول الخليج، وطبعاً مع كل الاحترام لجميع المهن الشريفة، لكن المشكلة كانت أن نسبة كبيرة من «الوافدين الجدد» لم يتلقوا أي صقل لمهاراتهم أو تدريبات حرفية أو دروس مكثفة في التعامل مع تجربة «الاغتراب»، وبعضهم - للأسف - لم يتم التأكد من صلاحيته للمهنة التي سيزاولها في الدول المستقبلة، ولم تبذل أي جهة في الإدارات المصرية المتعاقبة جهدا يذكر في سبيل «إعداد» هؤلاء الحرفيين والمهنيين و«الصنايعية»، أو حتى التأكد من كفاءاتهم.. فكان ما هو كائن! وهناك عوامل أخرى كثيرة لا يتسع المجال لذكرها.
.. ثالثا أصبح واجباً على الإدارة الحالية التصدي لمهمة «تحسين» صورة المصري في الخارج ووضع الخطط العاجلة لذلك واستخدام كل الأدوات والطرق التي تراها مناسبة لتعديل «تركبية» العاملين في الخارج والتأكد من ملاءمتهم لشغل الوظائف والأعمال المحددة في عقود العمل التي حصلوا عليها وربطهم الدائم بالوطن عن طريق تبني مصالحهم والدفاع عن حقوقهم والتأكد من «صلاحيتهم» لتمثيل بلدهم.
كان هذا «ملخص» ردّي على المسؤول المصري الرفيع في إحدى الدول العربية بحضور شخصيتين مهمتين من هذا البلد الشقيق.
أما عن إعادة بناء الإنسان المصري عموماً سواء كان مغترباً أو يعيش في أحضان المحروسة.. فحديث له بقية.. إن كان في العمر بقية.
وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.
www.hossamfathy.net
Twitter: @hossamfathy66
Facebook: hossamfathy66
Alanba email ID
[email protected]