لا أذكر أنني كتبت عن أو دعوت إلى مشاهدة عمل سينمائي أميركي منذ أن تعرضت للفيلم الرائع WAG THE DOG، إنتاج عام 1997 للمخرج باري ليفنسون وبطولة الرائعين روبرت دي نيرو وداستن هوفمان، والذي يدور حول استعانة البيت الأبيض بمخرج هوليوودي ومدير علاقات عامة لإنتاج «حرب افتراضية مزعومة» في ألبانيا للتغطية على فضيحة أخلاقية للرئيس قبل 14 يوماً من انطلاق الانتخابات الرئاسية.
وهو فيلم من نوع الكوميديا السوداء، وهو نفس النوع الذي ينتمي إليه الفيلم الذي أتحدث عنه اليوم والذي أدعوكم للاستمتاع بمشاهدته ويدعى (DON›T LOOK UP) أو «لا تنظر للأعلى»، وبالمصري (ما تبصش لفوق)، وهو ينتمي إلى تصنيف الكوميديا السياسية السوداء، ويقع في فترة زمنية قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، بطولة أسطورة السينما الغربية ميريل ستريب، والممثل الوسيم «الناضج» ليوناردو دي كابريو وجينيفر لورنس، أما مفاجأة الفيلم فكان أداء الممثل المخضرم مارك رايلانس الذي لعب دور الملياردير الانتهازي مالك شركة الاتصالات (باش)، وهو ممثل وكاتب مسرحي بريطاني حائز جائزة الأوسكار كأفضل ممثل مساعد في فيلم «صائد الجواسيس».
قصة الفيلم تبدو لأول وهلة «مهروسة» في عدة أفلام خيال علمي، لكن عبقرية المخرج وأداء الممثلين المبهر تجعلك تنسى ذلك،.. طالبة دكتوراه وأستاذها يكتشفان أن مذنباً ضخماً يتجه لتدمير الأرض خلال 6 أشهر و14 يوماً، ويتزامن ذلك مع اقتراب الانتخابات الأميركية في ظل «رئيسة» تعين ابنها كبيراً للعاملين بالبيت بالأبيض، وتسعى لتعيين عشيقها «المأمور»، الذي لا يملك مؤهلات، عضواً في المحكمة الدستورية العليا!! وتمنح نفوذاً غير مسبوق للملياردير صاحب شركة الاتصالات العملاقة، وكبير متبرعي حملتها الانتخابية!
الفيلم في مجمله محاكمة ساخرة لسيطرة الرأسمالية على الحكم في أكبر دولة رأسمالية في العالم، وأيضا للحالة العبثية التي وصلت إليها وسائل التواصل الاجتماعي وسيطرتها على الإعلام، ما دفع المجتمعات إلى مستوى غير مسبوق من السطحية والتفاهة، حيث يزيد الاهتمام بخبر علاقة مطربة بصديقها عن الاهتمام بالخطر الوشيك الذي سيفني البشرية!!.. المهم هو «التريند»!
كما يسخر من النظام السياسي نفسه الذي يعتمد على المال والقوة العسكرية، دون الاهتمام بالعلم والعلماء.
أما الأسطورة «ميريل ستريب»، فيبدو أنها وجدت ضالتها في دور يقدم سخرية قاسية من منصب الرئيس الذي سبق أن واجهته في الحقيقة إبان حكم الرئيس ترامب.
الفيلم يستحق المشاهدة ويثير قضايا مهمة فالنيزك هو رمز للمتغيرات المناخية، ومارك رايلانس صاحب شركة الاتصالات «باش» قدم مزيجاً فريداً وساخراً من زوكيربرج وبيزوس!
مشاهدة ممتعة.. وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.
www.hossamfathy.net
Twitter: @hossamfathy66
Facebook: hossamfathy66
Alanba email ID
[email protected]