نتفق إذن على وجود حالة من الاحتقان الشعبي نتيجة ضغوط الإصلاحات الاقتصادية التي تحملتها وتتحملها وستواصل تحملها الطبقة الوسطى بشكل أساسي، يساعد على تصاعدها غياب الاهتمام بالبعد الاجتماعي لتطبيق «روشتات» ووصفات صندوق «النكد» الدولي، و«الضنك» الدولي، ونتفق كذلك على «الوعي المبهر والفطري» لشعبنا الذي يجعله يتحمل كل ذلك، ويدرك أن المرحلة «فارقة» وأن الالتفاف حول مفهوم الدولة وسيادتها ووجودها ودعم قيادتها في حربها ضد الإرهاب هي أمور لا نقاش فيها.
ونتفق إذن على أنه كان على الحكومة - وما زالت مطالبة - أن تتخذ إجراءات قوية لحماية الطبقة الوسطى وتلك الأكثر هشاشة من الانزلاق الى بوتقة الطبقة الفقيرة، قبل أن تبدأ باتخاذ أي قرارات إصلاحية جديدة سواء تطبيقاً لنصائح الصندوق والبنك الدوليين، أو لرؤية واضع السياسات الاقتصادية في الحكومة الرشيدة، ولا أقصد هنا أبدا زيادة الدعم السلعي أو النقدي المباشر للرواتب فقط، فهي حلول لا تقضي على المشكلة، وإن سَكَّنت آلامها، بل أقصد ضرورة التركيز على تحسين خدمات التعليم والصحة وغيرهما ما سيؤثر إيجاباً على هذه الطبقات ويرفع عبئا كبيرا وتكلفة لا تطاق عن كاهلها نتيجة ارتفاع أسعار هاتين الخدمتين، بل وتدني مستواهما لحدود غير مقبولة ولا تليق بمصر.
وبالضرورة أن يترافق مع هذا الإصلاح سيطرة حازمة على جموح الأسعار، ورفع تدريجي مبرمج للرواتب، يتزامن معه توقف ومحاربة للظواهر «الاستفزازية» التي تزيد من حالة الاحتقان والتي تقوم بها الحكومة عن طريق فرض ضرائب جديدة «مستفزة»، على كل ما تستطيع الوصول إليه، حتى ان أحد جهابذتها أراد فرض ضريبة أو رسوم على رؤية البحر!!.. وكذلك ما تقوم به فئة الأغنياء الجدد التي لا تضع في حسبانها واجباتها الاجتماعية تجاه بقية الطبقات، وتباهي بتغوّلها في الثراء الفاحش، دون أن تطول ثرواتها المليارية يد فارضي الضرائب على رؤية البحر!!
وأتمنى أن نتفق على أن الوقت قد حان لأن تتفهم الإدارة الحالية للبلاد أن هناك كثيرا ممن يعارضون بعض السياسات الراهنة هم مصريون.. وطنيون.. محبون لمصر مثلهم مثل مؤيدي النظام وربما أكثر، لكن جرت إساءة فهمهم، أو هم أساءوا التعبير في مرحلة ما، فابتعدوا عن الساحة وآثروا الانزواء، أو صنّفتهم الأجهزة كأعداء للوطن، وهم له من أشد المحبين، هؤلاء يجب أن نعيدهم لأحضان المحروسة ونستفيد من خبراتهم ونستمع لآرائهم، ونفتح معهم صفحة جديدة لمصلحة الوطن.
وتأكيداً أستثني من ذلك الفصيل الدموي من جماعة الإخوان الإرهابية وروافدها جميعا، وهنا يأتي دور الإعلام المصري، الذي لا أعتقد أنه بخير أبداً.
أكرر.. أؤيدك وكلي ثقة فيك.. ولكن «لا خير فيَّ إن لم أقلها.. وكل الخير فيك إذ تسمعها».
وغداً للحديث بقية.. إن كان في العمر بقية.
وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.
www.hossamfathy.net
Twitter: @hossamfathy66
Facebook: hossamfathy66
Alanba email ID
[email protected]