جعفر محمد
في الجلسة الخاصة بمناقشة شراء مديونيات المواطنين، التي انعقدت يوم الرابع من ديسمبر الجاري، حيث كانت عقارب الساعة تشير إلى الحادية عشرة والثلث، وبينما كنت موجودا في أحد المكاتب في مبنى مجلس الأمة كمتابع للجلسة ومجرياتها، التقيت النائب مرزوق الغانم وتجاذبنا أطراف الحديث حول قضايا الساعة النيابية، وكانت معضلة القروض وظروفها محور حديثنا، وقد استمعت واستمتعت بوجهة نظر بوعلي إلى حد ما، حتى انه أقنعني نظريا بآرائه التي أبداها في اللجنة المالية، إلا أنني عمليا لم أستطع تقبل بعض جوانب تلك القضية الشائكة، وهنا تساءلت موجها كلامي للنائب الغانم، عن البدائل التي يراها، وهو الذي أعترف بأن هناك مشكلة تؤرقه قد تتفاقم مستقبلا، فأجابني: إن البديل جاهز وموجود ولكن استعجال الزملاء النواب لم يمكنه من طرح الفكرة، فبادرته ببلاغة شف الصحافي، وما تلك الفكرة فأجاب: لماذا لا نستحدث صندوقا تموله الجهات الخيرية والمؤسسات الحكومية ذات الطابع الاستثماري، بالإضافة إلى اقتطاع جزء من نسبة 1.5% حسب قانون الزكاة الذي فرض على الشركات، فيكون لدينا مبلغ يتنامى مستقبلا ينظر في حاجات المتعثرين والمعسرين، ويقوم الصندوق بتسديد هذه الالتزامات بآلية لم يشرحها لي بوعلي لحظتها، بسبب رغبته في دخول القاعة لمناقشة القضية، وبينما غادر النائب بدأت بالتفكير في أنها قد تكون فكرة جيدة وفرصة ذهبية يستفيد منها المواطن، ولكن هناك من لا تنطبق عليه شروط الاستفادة من الزكاة والبعض الآخر يرى انه يزاحم الفقراء والمساكين فيما شرع الله لهم، وقسم لهم في أموال الأغنياء، فهل سنحتاج إلى فتاوى ومسوغات شرعية، كما أن الكويت وبفضل التآلف تضم أطيافا مذهبية متعددة، فهذا له فتوى وذاك له فتاوى في هذا الخصوص، كما أن الحكومة المبجلة شريكة فيما وصلت إليه حال مواطنيها حين سمحت للبنوك بتجاوز بعض القوانين بإشراف مباشر وموافقة ضمنية من البنك المركزي، ومع كل هذا يأتي الأعضاء ليفكروا للحكومة، ويضعوا الحلول فتقوم الحكومة ممثلة برئيسها والوزراء مجتمعين بالتصويت ضد هذه الأفكار، بل ودم مناقشتها، فمن ينصفنا نحن المواطنين؟ أم من يستطيع من أباطرة السياسة والعمل العام أن يفهمنا بما يحدث، وبأي منطق نستطيع التأقلم مع هذه الحكومة التي قلبت الأوضاع رأسا على عقب، فهي ضد التنمية ومع تعطيل البلد اجتماعيا وضد التجار ومصالحهم المشروعة، وليست مع أحد، فأنا أظن الحكومات الأربع الأخيرة، وحتى وقت كتابة هذا المقال لا تعي حجم القضايا التي تواجهها، فالخراب قد نخر في كل أجزاء الدولة واستشرى حتى وصل إلى مؤسسات يفترض فيها الأمن والأمان، والأمن الاجتماعي مهدد، فالتعليم مسيس بفضل احتواء الحكومة الوهمي، والأمن بركاوي الصبغة، والاقتصاد أصيب بالشلل، كل هذه المصائب ووزراؤنا يسافرون ويبتسمون وكأن مبنى مجلس الوزراء يقع على الحدود السويسرية، ولم يتبق لنا نحن الشعب الأسير لهذه الحكومة إلا أن ننتظر مبادرات مجلس الأمة، ونتمنى وننظر من بعيد علهم يتوصلون لتصور يجمع بين صندوق الحكومة الذي ستنشئه بناء على توجيهات صاحب السمو الأمير، وصندوق النائب مرزوق الغانم، ليرتاح الشعب من همومه التي، والله أعلم، لن تنتهي إلا بنهاية عادلة للحكومة الحالية، التي ستواجه في مقبل الأيام غليانا لم يواجهه الاتحاد الأوروبي في عام 1989.
كلمة راس
نهديها لرئيس الحكومة ووزرائه: من حكم الإمام علي( عليه السلام ) إذا هِبت أمرا فقع فيه، فإن شدّة توقّيه أعظم مما تخاف منه.