تطرقت في مقال سابق، وتحديدا خلال نوفمبر الماضي إلى نية وزارة التربية إعادة الاختبارات الورقية خلال الفصل الدراسي الأول، وحذرت وقتها من اتخاذ مثل هذا القرار الذي سيكون ضرره أكثر من منفعته على الهيئة التدريسية والطلبة في ظل جائحة كورونا، وبعدها تراجعت الوزارة عن قرارها واعتمدت على آلية التحصيل العلمي عبر «التعليم عن بُعد».
ذكرت وقتها أن قرارات الوزارة كانت متخبطة منذ بداية أزمة كورونا، كما أن أحوالها غير مستقرة، حيث لا خطط لها أو رؤية واضحة في اتخاذ القرارات المتعلقة بمصير الطلبة، والدليل على ذلك تأجيل الدراسة خلال العام الدراسي الماضي ومن ثم إعادة الدراسة بنظام «التعليم عن بُعد» وحتى خلصت إلى اعتماد نجاح الطلبة في جميع المراحل الدراسية بمن فيهم طلبة الثانوية العامة.
الوزارة وبعد مرور عاما مازالت غير مستقرة على رأي رغم أن العام الدراسي شارف على الانتهاء، فتارة نجدها مستمرة في التعليم عن بعد، وتارة أخرى تعتمد الاختبارات الورقية للصف الثاني عشر، في وقت نلاحظ فيه تزايدا كبيرا في أعداد الإصابات.
السلطات الصحية دائما تحذر من إقامة التجمعات إلا أن قرار «التربية» المفاجئ بالسماح بالاختبارات الورقية سيفرض التجمعات بالحضور الإجباري للطلبة لأداء اختباراتهم، ولا نعلم علام استندت الوزارتان حتى يتم تطبيق مثل هذا القرار؟!
موظفو الدولة ألزمتهم السلطات الصحية بتقليص أعدادهم بنسبة أقل من 30% للحد من التجمعات في مقار أعمالهم، فكيف تلزم الطلبة بالحضور لأداء الاختبارات بهذا الوقت رغم التشدد في تطبيق الإجراءات؟. السؤال الذي يطرح نفسه، هل وزارة التربية جاهزة لهذا الإجراء، وما خطتها للعودة رغم عدم انتقالنا للمرحلة الخامسة من العودة في ظل تزايد الإصابات ؟.
هل سيتم مثلا عمل مسحة أسبوعية قبل دخول الطلبة إلى قاعة الاختبار أسوة بما هو معمول به قبل جلسات مجلس الأمة للتأكد من سلامتهم، أم أنها ستكتفي بقياس الحرارة وارتداء الكمام فقط ؟ ننتظر الإجابة من المسؤولين.
«التربية» حددت سبتمبر المقبل موعدا لافتتاح المدارس لجميع المراحل الدراسية، وهذا القرار بوجهة نظري يحتاج إلى تقييم للوضع الصحي قبل الخوض فيه لأنه من الصعب التخمين في هذه الأمور، التي تتطلب تحقيق المناعة المجتمعية بتطعيم 70% من الشعب قبل تطبيقها.
يجب على السلطات الصحية ووزارة التربية مجتمعين أن يراجعوا قرارهم ويتريثوا بخصوص اختبارات الصف 12حتى تستقر الأمور أسوة بما هو معمول به في دول الخليج الأخرى الذين أكملوا عامهم الدراسي بمختلف مراحلهم عبر الأونلاين، واقتصار التحصيل العلمي للطلبة على التقييم الإلكتروني والأعمال والواجبات حتى تعود الحياة إلى وضعها الطبيعي ويعود الطلبة لمقاعد الدراسة بعد توافر اللقاح واستقرار الأوضاع.
يجب الأخذ برأي من أهل الاختصاص للمرحلة المقبلة قبل الإقدام على مثل تلك القرارات المصيرية دون دراسة ربما تنتج عنه عواقب وخيمة في ظل استمرار انتشار الفيروس، كما أن قرار اعتماد الاختبارات الورقية سيربك الطلبة إضافة إلى ذلك سينشط سوق الدروس الخصوصية التي أصبحت مفقودة بسبب اعتماد الطلبة على أنفسهم من خلال هذا النوع من التعليم.
«الركادة» مطلوبة والعودة من دون دراسة متأنية لمثل تلك القرارات مرفوضة، ومنا إلى المسؤولين.
[email protected]