بما أن الضغط النفسي يشكل مشكلة أو مرضاً قائماً فلا بد وأن يكون له بعض العلاجات والأدواء التي تمنعه أو تحد من وطأته على الإنسان، ومن أهم هذه العلاجات والوسائل:
تقوى الله تعالى والتقرب إليه بالعمل الصالح، لقوله تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا)، وقوله جل ثناؤه: (ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا).
وقصة النفر الثلاثة الذين حبسوا في الغار ليست بعيدة عنا، فقد فرج الله عنهم هذه الكربة حين تذكر كل واحد منهم عملا صالحا وخالصا لله تعالى فتوسل إلى الله تعالى فيه.
وكذلك فالاستعانة بالصبر والصلاة، لأنها تعين الإنسان على مواجهة التحديات والمسؤوليات بثبات ونجاح، لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين)يقول حذيفة رضي الله عنه: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى.
ولا ننسى حسن الظن بالله تعالى، فهو وحده كاشف الضر عن الإنسان، وأن الشدة مهما طال أمدها فإن الله متبعها بفرج ويسر، يقول الله تعالى على لسان يعقوب عليه السلام: (لا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون).
ويقول صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: «إن الله يقول: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني»وصدق الشاعر القائل:
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها ** فرجت وكنت أظنها لا تفرج.
إن ذكر الله تعالى بالاعتقاد والقول والعمل سبب لتفريج الهموم واستقرار النفس وطمأنينتها، لقوله تعالى: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)
وأيضا وجب علينا لزوم الاستغفار والدوام عليه، فإنه من أسباب السعادة والطمأنينة النفسية، كما أنه يفرج الكربات ويذهب الهموم والغموم، لقوله صلى الله عليه وسلم: «من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب».
اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء، لأنه يذهب الهموم ويفرج الكروب، لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد ذات يوم فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة فقال: «يا أبا أمامة مالي أراك جالسا في المسجد في غير صلاة؟» قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله.
قال: «أفلا أعلمك كلاما إذا قلته أذهب الله همك وقضى عنك دينك؟» قال: بلى يا رسول الله.
قال: «قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال».
وكان من دعاء موسى عليه السلام لله تعالى أن يشرح صدره وييسر أمره، ليذهب ما به من هم وغم، قال الله تعالى على لسانه عليه السلام: (قال رب اشرح لي صدري. ويسر لي أمري).
عزيزي القارئ إن العمل من الأسباب المعينة على النجاح في الحياة، ثم التوكل على الله تعالى والاستعانة به من أجل تحقيق الغايات وحصول أفضل النتائج، فالعمل والتوكل أمران متلازمان لتفادي الضغوط النفسية وآثارها السلبية، يقول الله تعالى: (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) ومن كان الله حسبه فلا يضل ولا يشقى أبدا.
ولا بأس بأن يستعين المسلم بأهل الخبرة من الأطباء النفسانيين أو غيرهم فقد تضيق الحالة بالإنسان ويسيطر عليه الهم والغم والحزن والاكتئاب جراء هذه الضغوط فإذا استشار غيره فيعينه على فتح باب مهم يرى منه النور بإذن الله تعالى.
ومن خلاصة القول: إنها في النهاية من صنع الإنسان ومن عمل يده، (ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد)، لأن جل هذه الضغوط عبارة عن أخطاء سابقة تراكمت وتعاظمت على صاحبها ولم يتعامل معها بمنهجية سليمة، إلى أن بلغت حدها، فجاءت شديدة على النفس وقاصمة للآمال والرغبات، ويستطيع الإنسان أن يتفادى الضغوط النفسية ويتجنب الآثار السلبية الملازمة لها، حين يتهيأ منذ البداية لمواجهة مثل هذه التحديات، وذلك من خلال التربية الإيمانية الصحيحة للأجيال من الأبناء والبنات في البيوت والمساجد والمدارس وجميع المؤسسات التربوية والمراكز التعليمية، لأن العبد حين يتعلق بالله تعالى، ويشعر بعظمته وقدرته على الأشياء من جهة، كما يشعر بمدى لطفه ورحمته بعباده من جهة أخرى، فإنه لا يخشى الصعاب والتحديات، بل يتخطاها ويواجهها بثبات ونجاح.
[email protected]