في العام 1993 قمت بمشروع إعلامي قيمي وكان المشروع يحتاج لبعض الوسائل الإعلامية التسويقية ونصحني أحد الأصدقاء بمكتب إعلامي لعمل البوسترات والنشرات وعند زيارة المكتب استقبلني صاحب المكتب بابتسامة هادئة ووجه سمح شعرت كأنني أعرفه منذ زمن ولمست منه البساطة واللين في التعامل وعرف نفسه بقوله معاك أخوك عصام الفليج، ومن ذلك اليوم ارتبطت بصداقة معه إلى أن توفاه الله في يوم 26- 10 -2020.
وخلال 27 عاما من هذه الأخوة كان، رحمه الله، مدرسة تربوية وقيمية نادرة وصاحب عمل دؤوب في خدمة دينه ووطنه تميز بالمبادرات والأفكار الرائعة التي تتحول إلى واقع وله في كل عمل خيري يد وفي كل مشروع مبادرة وسبق.
ففي بداية تعرفي عليه كان يعمل على سلسلة توثيقية بعنوان شهداء الكويت والتي تصدرها اللجنة التي عمل على تأسيسها بعد تحرير الكويت من الغزو العراقي وسماها صندوق التكافل لرعاية أسر الشهداء والأسرى، وعندما سألته عن هذه السلسلة قال «لا أريد أن يسبقنا أحد لتوثيق شهداء الكويت» واستمرت مبادراته الخيرية فأنشأ مع د.خالد المذكور جمعية المنابر القرآنية لخدمة القرآن الكريم، وخلال الثورة السورية قام بإنشاء فريق تطوعي لخدمة اللاجئين السوريين وآخر مشاريع هذا الفريق ترميم مدرسة أبوعبيدة على الحدود التركية- السورية والتي افتتحت قبل وفاته، رحمه الله، بأيام قليلة.
وكان، رحمه الله، من النوادر الذين حرصوا على إبراز العمل الخيري إعلاميا، فقام بإصدار مجلة «سفراء الخير» والتي تعنى بالعمل الخيري وقام بإعداد وتقديم برنامج تلفزيوني حمل الاسم نفسه ونقل العمل الخيري إلى واجهة الإعلام، ولم يتوقف عمله، رحمه الله، على الجانب المحلي، بل تجاوزه إلى دعم المراكز الإسلامية في الخارج وحتى وهو في رحلة علاجه في لندن كان يحرص على دعم المشاريع الخيرية بالمراكز الإسلامية هناك.
ولم يقتصر دوره، رحمه الله، على العمل الخيري بل جاوزه إلى العمل الإعلامي والصحافي وقد عاشرته بكتابة المقال في جريدة الوطن الكويتية، وكان حريصا على النصح ونشر القيم النبيلة والنقد البناء في كتابة المقال، وكان أبعد ما يكون عن التجريح والتشهير في مقالاته الصحافية، وعند مناقشة المقالات كان يوصي دائما بتقديم الإيجابيات قبل السلبيات والهدوء في الطرح، وأن يكون بنّاءً وهادفا.
ولم يقتصر على كتابة المقالة فقط، بل قام بالتأليف والنشر فبذل جهدا كبيرا أثناء عمله مديرا للإعلام في اللجنة العليا للعمل على تطبيق الشريعة الإسلامية على تأليف وإصدار العديد من الكتب والموسوعات التربوية والأخلاقية والأسرية وتوثيق مسيرة العمل الخيري والتركيز على القضايا الإسلامية، كما ساهم، رحمه الله، في المسرح التربوي والإسلامي بالتعاون مع عدد من الممثلين والمخرجين.
رحل الأخ والصديق والعزيز عصام الفليج تاركا خلفه إرثا من المشاريع الخيرية ومن الإنتاج الأدبي والتربوي من كتب ومقالات ومواد صحافية وتلفزيونية، وقبل هذا كله من السمعة الطيبة والأثر الجميل.. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في جزء من حديث «أنتم شهداء الله في أرضه»، ونحن نشهدك يا الله أن عبدك عصام الفليج كان من أرقى الناس خلقا وأطيبهم معشرا، وأنه كان يعمل لنصرة دعوتك وإعلاء دينك.. ولا نزكي على الله أحدا.
[email protected]