يوم 25/12/2020 تعرضت الديموقراطية الكويتية إلى طعنة، ففي ذلك اليوم تحولت قاعة عبدالله السالم في مجلس الأمة أثناء جلسة الافتتاح وانتخاب رئيس ولجان مجلس الأمة إلى فوضى وانعدم الذوق العام وسقطت كل البروتوكولات التنظيمية.
مشهد جلسة افتتاح مجلس الأمة صورة لما عاشه المجلس بدءا من جلسة الافتتاح إلى العطلة البرلمانية خلال هذه الفترة تعطلت المحاسبة البرلمانية لرئيس مجلس الوزراء، وتم تحصينه من الاستجوابات وتعطلت الكثير من المشاريع والقوانين أبرزها قانون العفو العام وقانون المسيء والذي بسببه تم شطب العضو بدر الداهوم وقانون تنظيم الانتخابات وقانون الجنسية، وتعطلت الجلسات لفترات طويلة ووصلنا لمرحلة أن الكويت ليس لديها حديث إلا هوشات المجلس والتصريحات النارية للأعضاء بينهم وبين بعض ولا أحد يسأل عن إنجاز أو تقدم أو تغيير.
خلق هذا الجو حالة من اليأس وانتهت فترة دور الانعقاد وبدأت العطلة البرلمانية وهدأت الأمور.
ومع بداية سخونة الصيف وحرارته اللاهبة كانت هناك نسمات سياسية منعشة تمثلت في مبادرات إيجابية من بعض السياسيين والمفكرين وعدد من النواب العقلاء والتيارات السياسية لبحث صيغة تفاهم حكومي شعبي برلماني تهدف إلى حل المشاكل وإنهاء الأزمات العالقة وأهمها مشكلة النواب في تركيا والذين صدرت بحقهم أحكام سياسية وإقرار القوانين الشعبية والتي سعى بعض أعضاء مجلس الأمة لعرقلتها لأنها لا تتوافق مع تطلعاته وقواعده وتعطي أعضاء المعارضة السبق السياسي والشعبي.
وكان الهدوء والبعد عن الأضواء والتصريحات النارية والحوار العقلاني وعدم إشراك المؤزمين في هذه التحركات هي السمة البارزة، وتزامن هذا التحرك مع صحوة حكومية وتحرك تنموي من قبل الجهاز الحكومي فرأينا العديد من اللقاءات التي استعرضت المشاريع الحكومة وتنميتها بدءا من مدينة الحرير إلى استكمال بناء الجامعة ومطار الكويت إلى الانتقال للنظام الرقمي في المعاملات الحكومية، وأكثر ما يميز هذه اللقاءات أن رئيس مجلس الوزراء يديرها بنفسه، وفي المقابل هناك طفرة بالصناديق الاستثمارية، ونجاح الحكومة في العمل على انحسار جائحة كورونا، وهناك رقابة مالية وتحويل مسؤولين للنيابة وإن كانت كل هذه الأمور لم تصل لطموح المواطن، إلا أنها مؤشرات إيجابية تشكر ويثنى عليها فالألف ميل تبدأ بخطوة.. ومع وجود قصور حكومي خاصة فيما يتعلق بالقضايا الإسكانية والعجز المالي وكيفية معاملته إلا أن الإنجاز يذكر كما أن التقصير يذكر.
ومع هذه المؤشرات الإيجابية للإصلاح السياسي التي يشكر عليها كل من شارك فيها إلا أن هناك قناعة وأمنية وتحذير.. فالقناعة أن شعارات أعضاء مجلس الأمة أثناء حملاتهم الانتخابية لا تعكس بالضرورة تصوراتهم وأهدافهم، بل ان بعضهم يعمل بعكس هذه الشعارات، وأن من هناك من يسعى إلى شرعنة الفساد وتعطيل المشاريع والعمل على تحقيق مكانة اجتماعية ومالية لذاته ضاربا بعرض الحائط مصلحة الوطن، وهذا ما شاهدناه خلال دور الانعقاد وفترة 6 شهور من عمر المجلس الأولى.
نتمنى أن تستمر هذه المحاولات الإصلاحية التي تعمل على تفعيل مبدأ التعاون والمشاركة في العمل وتفعيل المجلس لما فيه مصلحة المواطنين.
وفي المقابل هناك تحذير.. بأن للنجاح ألف أب والهزيمة تولد يتيمة فهذا النجاح سنرى من يستغله لصالحه ويسابق غيره من الأعضاء للوقوف على منصة المجلس الإعلامية ليصرح وينسب لنفسه هذا الإنجاز، وسنرى ساحة تويتر تمتلئ بالأعضاء المادحين لهذه المبادرة وينسبون ما جاء فيها لجهدهم ودورهم ومن ورائهم مؤيدوهم المادحون لهم.
وكلنا أمل بنجاح المساعي والمبادرات لتجاوز أزماتنا العالقة.