منذ البدايات الأولى للتواجد البشري على وجه الخليقة وظاهرة الحروب ترافق هذا التواجد، وربما تكون هذه ظاهرة طبيعية بالنظر إلى بحث الأمم عن مكاسب جديدة تضيفها إلى ما تمتلك من مقدرات مهما بلغت أو عظمت تلك المقدرات طمعا في ما يمتلك الآخرون أو خشية من نفاد ما تمتلكه من مقومات الحياة، كما أن هذه الظاهرة قد تكون لأسباب أخرى منها توسيع مساحة الأراضي مثلا، وهو ما يطغى على كل الأسباب، ويعد النصر في الحرب إرثا تاريخيا تتباهى بها الشعوب والأمم وتجعل من أيام النصر أعيادا تتغنى بها وتدونها كونها تمثل أمجادا وإنجازات.
ولعل القوة العسكرية هي معيار القدرة الوحيد الذي تثق به الدول ذات السيادة، ويظهر هذا المعيار ولمدة طويلة في معاهدات السلام التي توقعها الأطراف المتحاربة، والتي عادة ما يملي فيها الطرف المنتصر على الطرف الضعيف شروطه، التي كانت تشمل دائما نزع سلاح الطرف المهزوم وتكبده جميع تكاليف الحرب وإلزامه بمبالغ مالية معينة، إضافة إلى العمل على تدمير مراكز قوته لضمان عدم قدرة المهزوم على العودة للحرب، وقد أثبتت ذلك التجارب السابقة للحروب.
لكن البحث عن الحروب واختلاق أسبابها غالبا ما يكون يتولد عادة عند الدول التي تمتلك القوة وتفتقد إلى الفكر والتحضر والنظرة الثاقبة، ذلك أن الحرب لا يمكن مهما بلغت قوة المنتصر إلا أن تكبده خسائر من نوع ما أو قدر متباين مع المهزوم، ولعل معيار النصر يتباين كذلك، وتاريخ الأمم يؤكد أن المنتصر عسكريا قد يهزم ثقافيا كما حدث لدى أثينا وروما.
ولعل النقطة التي بلغتها الأمم من تحضر وتقدير قيمة الإنسان جعلتها تبحث عن توازن في القوى ليكون ضامنا لعدم اندلاع الحروب، إضافة لحقيقة أن الحرب دائما ما تترك خسائر لدى جميع الأطراف، حيث لا يمكن لأحد من الأطراف أن ينأى بنفسه عن الخسائر مهما امتلك من قوة. وفي هذه الأيام لا يمكننا أن نتجاهل ما نسمعه من قرع طبول الحرب في منطقة الشرق الأوسط وفي الخليج العربي على وجه الخصوص، وأسأل هنا من الذي يرى نفسه بعيدا عن الخسارة؟ ومن المستفيد من اندلاع الحرب؟ ودعوني هنا أترك الإجابة لكم أعزائي القراء.
أرجوحة أخيرة:
لقد نفذ العدو الحقيقي للإسلام خططه المرسومة قبل أكثر من نصف قرن، وها نحن قاب قوسين أو أدنى على قتل المسلم للمسلم بسلاح أجنبي صنع لهذا اليوم الذي يعتبر نصرا عظيما لخططهم. إننا نعيش في منطقة تعد مطمعا للكثير من القوى العظمى لما لها من أهمية جغرافية من جهة، وما بها من ثروات بترولية من جهة أخرى، وليست الحرب من مصلحتنا ولا من مصلحة جارتنا جمهورية إيران الإسلامية، اللهم إني بلغت اللهم فاشهد.