لم تكن تلك الحفاوة وذلك الترحيب الذي وجدته عند زيارتي الأسبوع الماضي للأردن غريبا على الأردنيين، وأنا من اعتاد على الالتقاء بزملائي الأساتذة والإعلاميين الأردنيين، وأنا من عشق رائحة إرث الحضارات التي قامت على أرض الأردن، لكن الغرابة كل الغرابة ما وجدته في ذاكرة الأردنيين من حضور السفير الكويتي السابق د.حمد الدعيج الذي ما زال يُذكر بالخير كل الخير.
الأردن تلك الأرض التي احتضنت الكثير منذ بداية القرن التاسع عشر بدءا من الشيشان والشركس الذين أصبحوا جزءا من المجتمع الأردني المترابط، كما احتضنوا الفلسطينيين بعد نكبة 67 ليكونوا أردنيين يتمتعون بكامل الحقوق التي يتمتع بها الأردني الأصيل، ولم تتوان باستقبال إخوتهم العراقيين والليبيين واليمنيين، إلى أن احتضنوا النازحين السوريين بأعداد كبيرة، فكانوا على مدى القرنين خير شعب مضياف يرحب بكل عربي ومسلم.
الأردن تلك الأرض التي سطرت حروف الوفاء بأجمل تسطير، فالأردنيون ما زالوا يتذكرون ابنهم الشهيد وصفي التل ذلك النشمي الذي كان الابن الوفي وقدم روحه تضحية للانتماء لوطنه وولاء لقياداته، فليس غريبا أن الأردنيين يتذكرون حمد الدعيج الذي شكّل رابطا قويا بين الكويت والأردن، فالفضل في تقارب وجهات النظر بين البلدين يعود لذلك الرجل الذي عاش على أرض الأردن ستة عشر عاما، فكان أردني الهوى كويتي الانتماء.
لقد زرت الأردن لمدة أسبوع لم أشعر بتلك المدة سوى بالمزيد من الترحيب، وعندما حللت ضيفا على إذاعة اليرموك تلقيت العديد من الدعوات من قبل المشاركين والمتصلين، وأدركت مدى حب الأردنيين لإخوانهم الكويتيين، ومدى الترابط الذي يجمع بين الأردن والكويت، الأمر الذي أفرحني وجعلني أشعر بالفخر والاعتزاز بأنني أنتمي للكويت التي تحظى بحب الأردنيين وتشغل مساحة كبيرة في قلوبهم.
لقد شاركت في إعداد المؤتمر الإعلامي الذي ستنظمه جامعة اليرموك في مطلع العام القادم، وهي الجامعة العريقة التي قدمت أجيالا من المتميزين، وساهمت في بناء المواطن الأردني الذي ساهم في دفع مسيرة العمل والبناء، وسأقدم من خلال المؤتمر ورقة حول الإعلام الجديد ودورة في الوصول لشريحة كبيرة من المثقفين في الشرق والغرب وكيف بدأت تلك الوسائل بتغيير آراء الكثير من الفئة المؤثرة في الرأي العام العالمي في القضايا العربية، وأخيرا وجدت من خلال جولتي بين الأكاديميين والإعلاميين والطلاب تفاعلا كبيرا ولاحظت مدى اهتمام الأردنيين بالإعلام الكويتي وإعجابهم بالدور الكويتي في مؤازرة القضايا العربية وثباته على المبادئ وإيمانه بالقضية الفلسطينية.
> > >
أرجوحة الدعيج: ربما لم يعرف الكويتيون حمد الدعيج كما عرفه الأردنيون، فقد كان بالنسبة إليهم أخا وصديقا ورابطا بين البلدين، ولم ينظروا إليه كونه ممثلا للكويت فحسب، إنما يرونه فردا من المجتمع الأردني لينال منهم الحب ويستحق الوفاء، ونحن بدورنا وما لمسناه وعشناه مع سيرة الدعيج وغرسه الجميل نتمنى من دولتنا الحبيبة ممثلة في حكومتها ان تكرم د.حمد الدعيج بقلادة مبارك الكبير لدوره الفذ وروحه المعطاءة.