لا شك أن ضخامة المواد والحبوب المخدرة التي تضبط من قبل أجهزة وزارة الداخلية، خاصة الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، والإدارة العامة لخفر السواحل، والإدارة العامة للجمارك الكويتية، وغيرها من الجهات الأمنية، تدعونا إلى الجزم بأننا أمام تحديات تستوجب منا كمواطنين ومؤسسات مجتمع مدني أو وزارات مختصة أن نضعها في مقدمة الأولويات.
إن المؤثرات العقلية والمخدرات إذا لم يكن عليها إقبال فلن تجد سوقا لها، مع الوضع بالحسبان أن مخاطر الاتجار بها كبيرة وعقوباتها تصل إلى السجن المؤبد والإعدام، وبالتالي فإن جلبها أو الاتجار بها يعتبر مغامرة شديدة، والتفسير المنطقي لتلك المضبوطات التي تقدر بالأطنان وقيمتها بمئات الملايين من الدنانير، تؤكد أننا أمام مشكلة كبيرة، فإما أن هذه الكميات موجهة للسوق المحلي، وهذا أمر أكثر خطورة، أو انها في طريقها إلى دولة أخرى، وفي كلتا الحالتين نحن أمام مشكلة يجب الالتفات إليها والحذر منها.
ويقوم قطاع الأمن الجنائي بقيادة اللواء حامد الدواس والإدارة العامة لمكافحة المخدرات بقيادة العميد محمد قبازرد بالدور المنوط بها في ملاحقة تجار السموم المخدرة بكفاءة مشهودة، ولم يقتصر هذا الدور على ملاحقة تجار المخدرات محليا، وإنما امتد النشاط للاستفادة من العلاقات والاتفاقيات الثنائية مع الخارج، وظهر ذلك بوضوح بإبلاغ وزارة الداخلية السلطات الإماراتية الأسبوع الماضي عن كمية ضخمة من الحبوب قدرت بـ 4 ملايين حبة مخدرة، وقبل أشهر محدودة تم ضبط نحو 800 كيلو من المخدرات موضوعة بطريقة احترافية في مجسمات خشبية مخبأة داخل صندوق مضاد للرصاص بالتنسيق مع السلطات اللبنانية.
قضية المخدرات باعتبارها مصيرية تتطلب بذل جهد إضافي لمحاربتها والحد من انتشارها وملاحقة من يقفون وراءها في أي بقعة من العالم وصولا لتقليص المعروض من هذه السموم، على أن تكون خطة المكافحة وتقليص المعروض متناسقة مع خطط علاج من دخلوا طريق الإدمان، وكذلك تدشين مصحات علاجية لإعادة تأهليهم داخل المجتمع.
كما أن استهداف دول الخليج ليس بجديد على تجار السموم المخدرة، والأسباب في ذلك معلومة وأهمها الوفرة المادية واستهداف البعض بسهولة، وبالتالي فلابد من إحكام التنسيق والتشاور المستمر للسيطرة على آفة المخدرات وصولا إلى تجفيف منابعها، هذا إلى جانب تكثيف الحملات الأمنية ضد مهربي ومروجي وتجار المخدرات وضبطهم وتقديمهم للعدالة وسرعة إصدار الأحكام وتنفيذها.
كما على وزارات التربية والأوقاف والإعلام والصحف وجمعيات النفع العام العمل معا لتوعية أرباب الأسر بالتدقيق في سلوكيات الأبناء واكتشاف أي تغييرات قد تطرأ عليهم بسبب كل ما يمكن أن يرتبط بتعاطي المخدرات.
والمدمن يمكن التعرف عليه من إنفاق الأموال بكثرة، والميل إلى العنف والعدوانية ومعاناته من الأرق أو كثرة النوم، ومتى ما ظهرت أي من هذه المؤشرات يجب على الأب أو الأم التواصل مع الخط الساخن الذي خصصته وزارة الداخلية، مع التنويه بأن بلاغ الإدمان لا يعد سابقة حتى لا يتأثر مستقبل الابن أو الابنة أو الزوج بهذا الطريق الخطر، وفي حال ضبطت مخدرات تعدم ولا يحال المبلغ عنه إلى الجهات القضائية.
نعود ونكرر.. قطاع الأمن الجنائي ورجال الإدارة العامة لمكافحة المخدرات لن يقصروا، وهم يقومون بدورهم على افضل ما يكون، ولكن لابد لنا كأشخاص ومؤسسات من تقديم الدعم والإسناد لهم للحفاظ على أبنائنا ومجتمعنا، وان يكون المواطن خفيرا على أسرته وأمن بلده، وذلك لمصلحتهم ومصلحته أولا وأخيرا.
[email protected]