المسافر خارج البلاد وخاصة ممن يذهب للعلاج ـ شافاه الله وعافاه ـ أو يطلب العلم والدراسة ـ وفقه الله وسدد خطاه ـ يخالج شعوره إحساس الغربة والبعد عن الوطن، وهذا الإحساس ينتابه كل يوم وليلة، فما أن يرى شخصا قادما من الكويت إلا ويسأله عن أشياء كثيرة، ويتذاكر معه أحداثا عاشها، وأهلا اشتاق لرؤيتهم، وأصدقاء تمنى اللقاء بهم، إن هذا الشعور يكمن في قلب المواطن منذ الصغر، ويغرس هذا الحب معالم الوطن فيه (اسمه، علمه، تاريخه، وكل من يعيش على أرضه).
يحب بعض الناس أن يشتري له أرضا، أو بيتا خارج الوطن.. إما للاستثمار أو للسياحة، وهذا أمر طيب، لكن هناك البعض، وللأسف، يدور في خلده أن شراء هذا السكن هو لما تفرزه أحداث المستقبل على الكويت ـ اسأل الله أن يحفظها وأهلها من كل مكروه ـ فيقول: إذا صار شيء للبلد عندي مكان ألجأ إليه، وهذا هو قمة نكران الجميل، وانعدام الشعور بالمواطنة، الذي ينشأ في قلب المواطن منذ نعومة أظفاره.
الوطن تاريخ، عاشه الآباء والأجداد على مر السنين، تعبوا وأفنوا الغالي والنفيس في سبيل إقامته، جاهدوا حربا، وناضلوا شقاء، بنوا الأسوار والمؤسسات لحماية الكويت من الأعداء والفقر، حتى منّ الله ـ عز وجل ـ علينا بنعمه وفضله، فأصبح التاريخ حضارة، والحلم حقيقة.
الوطن شعور، وهو أمر خفي يحرك الوجدان وسائر الأعضاء، فالعين تدمع، والقلب يرجف، واللسان معقود، والأقدام عجزت عن حمل أثقالها... إذا سمعنا أن الكويت أصابها مكروه.
في هذه الأيام المباركة والسعيدة تلبس الكويت أثواب الفرح والسرور في أعيادها الوطنية... يزداد شعورنا بحبها وحرصنا على ازدهارها، فهي وطننا، وطن النهار، ومحيط الأرض، أدام الله عليها الاستقرار والخير، وحفظها من كل مكروه.