هناك علم يسمى علم النفس يدرس في جميع الجامعات، إلا أن كثيرا من الطلبة وعموم الناس يضع هذا العلم في مستوى التخلف الذهني أو إحدى درجات الجنون، لذا بعض المرضى لا يرضى بمراجعة عيادات الطب النفسي.
لقد أشار القرآن الكريم لكلمة النفس في أكثر من 250 موضعا تختلف فيها الأوامر والنواهي الموجهة لها من الله عز وجل، فهذا التركيز الكبير على النفس يوحي بأنها عصب الحياة كلها، لذا فمن الضروري إحياء هذه النفس ومراعاتها والتعامل معها بالأريحية التامة حتى تتقبل وتساير متطلبات الحياة بما يحقق حياة كريمة تؤول إلى العيش السعيد والاستمتاع بهذه النعمة.
السعادة ليست بجمع المال وكثرة الحلال والأولاد والجاه والمنصب وغيرها.. فقد تجد فقيرا جالسا بأحد الطرقات يأكل خبزا ولبنا وهو مبتسم سعيد، ولو سألته عن أخباره لقال: الحمد لله أنا في نعمة وعافية!
والعكس صحيح فهناك الكثير من الأغنياء لا يستطيعون الخروج ولا الزيارات ومخالطة الناس فهم محرومون من هذه المتعة بسبب انشغالهم بأموالهم أو أن للجاه والمنصب دورا بأنه لا يسمح لهم بهذه المتعة.
إن المرتكز هنا هو النفس وراحتها وتذليل كل العوائق التي يمنعها الوضع الذي تواجهه مهما كان.. فالمحصلة في ذلك رضى النفس التي تقوم عليها السعادة، فالدنيا متاع ممكن أن يسعدك أو أن يهلكك وميزان هذا المتاع هو النفس التي تؤمن بالله ربا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا وبالقدر خيره وشره.
الشيطان يعرف مكانة النفس وأثرها في توجيه الإنسان، لذا اتخذ من النفس ممرا كبيرا لضلالة الإنسان في جميع المجالات الدينية والاجتماعية والاقتصادية حتى الصحية يوسوس لها الشيطان بالموت والهلاك وان كان الإنسان معافى وسليما.
فالتعامل مع النفس لا بد أن يكون واقعيا ولا ينشغل الإنسان بكل ما تمليه نفسه عليه، كما أن كثرة التفكير والاستماع للأصوات الرنانة التي لا تأتي إلا بسوء هو الوقود السريع الذي يشغل النفس بالوسواس ويصدقه العقل، أسلوب المؤمن هو التوكل على الله بعد بذل الأسباب فهو جل وعلا رب النفوس وخالقها والقدير على حمايتها، لذا فإن العودة لله والتوكل عليه من صلب الإيمان فقد قال عز وجل: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
[email protected]