نرمين الحوطي
أين نحن مـن الماضي القـريـب؟ سـؤال نطرحه لمن يهـمه الأمر في الحقل الثـقافي، ثلاثة عقود ازدهرت فيها الـثقافة منذ فترة الستينـيات وحتى الثمانينـيات من القرن الماضي، شهدت الكويت تـقدما هائلا في كل فروع الثـقافـة وكان لزاما أن تتـقدم أكـثر ولكن ربما يكون الاعـتـداء العـراقي أحـد أسـبـاب توقـفـهـا، ومع ذلك كـان لابد أن تستعيد مكانتهـا بعد النصر مباشرة، فإذا كان التوقـف فرض علينا نتيجـة الاعتداء فإن التقـدم مرة أخرى كان لابد أن يتـحقق وبقوة بدافع من استرداد الحق، هناك خلل في المنظومـة الثـقـافـيـة التي لا يربطهـا تخطيط علمي وهذا واضح، فالجهات التي تشرف على فـروع الثقـافة متـعددة وكل منها يعمل بعيدا عن الآخر، أي أن كل واحد في واد لا ترابط بيـنه وبين الآخـرين وفي النهاية الثـقافة هي الجني عليـها، والحل يكمن في اتحـاد هذه الجـهـات تحت مظلة واحـدة تنظم وتخطـط وتوجـه للصـالح العام.
فـالكويت كـانت، وللأسف في الماضي، لؤلؤة الخليج قـاطبـة ولابد أن تستـعيـد مكانتهـا في العقد الأول من الألفيـة الثالثة والجيل الحالي هو المسؤول عن ذلك.
الخلل مـازال قائمـا من خلال تضـارب المناسـبــات والمهـرجـانات والأســابيع الثـقـافـيـة وهو أيـضـا راجع إلى تعـدد المسـؤولين الذين لا يربطهم رابط، والأمـر هنا أيضـا خطيـر حيـث ينتج عنه إرهاق المبدع في أكثر من مجال حتى إذا وضع في اختبار حقيقي لم يأت بالنتيجة المرجوة.
الثقـافة في الكويت مـشتـتة، مـجزأة، مـفككة، ومن هنـا لن تصنع تقـدمـا إلا إذا تجـمعت وتوحـدت لكي تدب فـيهـا روح القـوة كمـا كـانت في الماضي القـريب.
إن المشكلة لم تكن أبدا في الناحية التـعليمية ولكنها مشكلة إدارة وتخطيط وتنظيم، ثم خبرة وعلم واحـتكاك، سواء في الداخل أو الخـارج، حيث أن فـاقد الشيء لا يعطيـه، ونحن نريد للمـسـؤول أن يكون قـويا من الداخل بعلمـه وخـبرته وثقـافـته، حـتى ننهض مـرة ثانية ونتـماثل مع الآخـرين الذين أخذوا عنا النهضـة وسبقونا، ولكن مازالت داخـلنا نحن جيل المسـتقبـل القوة والإرادة لتصحيح الوضع المقلوب، لابد لنا ان نكسـر ذلك الجـمود ونحطـم الحركـة السـاكنة (مـحلك سـر) ونـنطلق إلى أفق التحـدي، فالثقـافة في العالم أحـد أسلحة التقـدم والحضـارة والإرادة البناءة ولكن يبـــقى الســـؤال أين نحن مـن الماضي؟ والإجابة في أيدي المسؤولين الكبار.