نرمين الحوطي
ينبعث الانسان تجاه ما يعتقد انه ملائم ونافع له، سواء أكان هذا النفع ماديا أم معنويا، وهذه هي الرغبة التي تقوم الحاجة بتصويرها من خلال اندفاع الحيوان للحصول على ما يكفل بقاءه من طعام وشراب، وهذا ما نقدر ان نطلق عليه الحاجة، إذن الرغبة هي صفة من صفات الانسان لأنها وليدة الارادة.
ومظهر الرغبة في الانسان هو الخلق، ومن هنا نجد ان الرغبة تتفاوت من انسان لآخر وفقا لأخلاقه كما اننا نجد ان الرغبة تحدد شخصية الانسان من خلال ما هو يريد، فالرغبة إذن تعد مقياسا للنفس البشرية، وميزانا لأخلاقه لان وراءها اغراضا اخرى كثيرة اما ان تحمل الخير او ان تحمل الشر، فكل انسان هو الذي يحدد طبيعته البشرية من خلال رغبته.
إذن رغبات الانسان تعد وثيقة الصلة بأخلاقه، لانها وثيقة الصلة بنفسه وعقله وشعوره، ولا شك في ان الرغبات تختلف باختلاف اصحابها، من حيث ميولهم واستعدادهم وصحتهم ومرضهم وسعادتهم وبؤسهم.
فالانسان ما هو الا مجموعة من الرغبات قد تكون دنيوية أو دينية، وهذه الرغبات ما هي الا مجموعة منها مؤلفة من وحدات، وبين كل مجموعة واخرى صلات، وهذه المجموعات تتآزر وتتعاون مادامت النفس البشرية في حال طبيعية، اما اذا لم تكن النفس البشرية في حالتها او تعرضت لحادث ما مفاجئ كالشعور بالظلم او بالخطر، نجد ان هذه الوحدات أخذت بالتنافر وأصبحت رغبة الانسان تميل للعدوانية او الوحدة او الانتقام، ومن هذا اصبحت رغبة الانسان مستعدة اتجاه الشر والحقد، وسنجد في حياتنا اليومية الكثير من هذا النمط والسبب الضغوط النفسية والعملية على الانسان ليس فقط في دولتنا، بل اصبحت هذه الحالة تحيط العالم بأكمله، وهذا ينتج عما نشاهده من احداث كثيرة سواء أكانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية.
والسؤال هنا كيف نستطيع ان نُرجع الاتزان النفسي للنفس البشرية؟ الاجابة هي ان نقترب من الله، من خلال الحمد والشكر على ما أعطانا، والاقتناع الدائم بما رزقنا، والسعي الى الافضل ليجلب الله لنا الرزق اكثر، والاهم من ذلك غرس الحب في النفس البشرية، كل هذا قد يعطي بعض الشيء من التوازن في رغبات الانسان واتزان الوحدات في النفس، فالانسان هو اساس المجتمع، فإذا اصبحت رغباته عدوانية اصبح المجتمع ككل عدوانيا، فلنرجع الى الوراء ولنجعل الرغبة تمتاز بالبطولة والحب والعطاء، ان اجدادنا كانوا يمتازون بهذه الصفات التي جعلت من اسمائهم مخلدة الى وقتنا الحاضر، كانت رغبتهم الاولى هي الوطن وحماية الانسان من منا لا يعرف «قاسم أمين وسعد زغلول وطه حسين.. وغيرهم» جميعهم كانت رغباتهم هي التقدم بالوطن والتقدم بالانسان العربي، فلتأخذهم منارة لنا، بل نجعل رغباتنا تتشبع بهم من خلال القراءة للتذكير ما فعلوه من اجلنا.