نرمين الحوطي
عجبا لما اسمعه واراه هذه الايام في مجتمعنا، الكل ينادي بالحرية والديموقراطية، ولكن ما نراه ونسمعه لا يمت بأي شيء لمفهوم الحرية او معنى الديموقراطية، بالأمس البعيد كان والدي (رحمه الله) يحدثني عن الكويت ومدى الحرية التي كانوا يعيشون فيها ايام الغوص، ومع بدايات ظهور النفط، وكيف كانت لديهم الحرية المطلقة في طرح الافكار وتقبل النقد وتبادل الحوارات فيما بينهم، كان يحدثني ايضا عن الدستور الكويتي ومواده، بل كان يحكي عن مدى العلاقة الوثيقة التي كانت تربط الشعب الكويتي بحكامه آل الصباح الكرام، وكيف كانوا كلهم اسرة واحدة وضعوا اسسا سليمة لبناء هذا الوطن تكفل الحقوق لكل مواطن ومقيم في جميع المجالات، نجدهم بالفعل في الماضي، بالرغم من قلة المصادر، تنعموا وذاقوا معنى الحرية والعيش الكريم، كان والدي (رحمه الله) يعلمني تلك العادات والقوانين التي تربى عليها من آبائه برغم انه كان اميا ولكن من عشقه للكويت عرف الكثير عنها وكان يرويه لي من خلال القصص القديمة، التي كانت تحتوي على مفهوم الحرية واحترام الرأي والدفع الى العلم والرقي، وعندما كبرت وتعلمت واصبحت اقرأ دستور الكويت واتخذ بعض مواده لدراساتي ومقالاتي سندا تذكرت والدي بقصصه ورواياته القديمة وبالاخص مادة (36) والتي تحتوي على مفهوم الحرية واحترام العلم والكلمة، فنجد انها تنص على التالي: «حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل انسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول او الكتابة او غيرها، وذلك وفقا للشروط والاوضاع التي يبينها القانون».
وهنا تكمن قضيتنا اليوم، والتي من اجلها اكتب كلماتي، حيث نجد في هذه الايام الكل ينادي بالحرية ويلهث وراءها بحثا عنها، ولكن للاسف الحرية والديموقراطية ما هما الا كلمات يستخدمهما البعض للفرقعات الاعلامية ليظهر بمظهر التحضر والرقي امام المجتمع الكويتي اوالعالمي في بعض الاحيان، وللاسف نجد البعض من هؤلاء ابواقا خارجية المظهر فارغة من الداخل، تنطق بهذه الكلمات دون معرفة لمحتواها، اما ما بداخلهم فهم ينتمون للعصور الديكتاتورية وزمن العبيد الذي انتهى، انهم بشر سجنوا انفسم داخل اطارات وقيود لم يتحرروا منها الى الآن للاسف الشديد، انهم يستخدمون كلمة الحرية كما لو انها وردة يتجملون بها ومن ثم يلقون بها ارضا، عجبا لهم وهم يمسكون السياط بعدما نزعوا اقنعتهم المزيفة ويقومون بكسر اقلامنا بل يضربون على افواهنا لنصمت، قد تضحكون على كلماتي باستغرابكم، من ان هذا يحدث في مجتمعنا الذي كان اسوة وقدوة للمجتمعات الاخرى كأحد رموز الحرية، بل كان ومازال منارة تضرب بها الامثال لكثير من الدول المجاورة في التقدم والرقي والديموقراطية، ولكن للاسف الشديد اكتبها اليوم بكل اسى وحزن، بأن اصبح هذا هو الحال، واقولها بصرخة (نعم) يوجد البعض ممن يقوم بكبت الحريات، وعندما نرفع الشكوى يستخدم هؤلاء نفوذهم حتى لا تصل الكلمات والصرخات الى اولي الامر، وهنا اقول (لا) ان الكويت قامت على اسس الحرية واحترام الآراء، وان هذه الابواق المزيفة لابد في يوم ان تصمت، وان شمس الحرية مازالت تنير بلادي، لان الكويت قامت على الحرية والديموقراطية ومازالت على روح التعاون فالكل يعمل من اجل الكويت، هذه هي الكويت وهذا ما تعلمته من والدي.