جملة كنت أسمعها وأنا صغيرة من جدتي، رحمها الله، عندما كان يحضر لها بعض النسوة ويتبادلن الحديث، فإذا قامت إحداهن بالحديث غير اللائق أو اغتابت الأخريات بعض الشخوص كانت على الفور جدتي تقاطعهن وتقول: اللهم اجعلني من هذا شيء جهالة!
ففي كل مرة كنت أود سؤال جدتي ما معنى تلك الجملة ولكن في بعض الأوقات كنت أخجل من السؤال، وإذا أتت لي الجرأة كان عامل الوقت والزمن لا يسمح لي بأن أسألها لانشغالها، وفي يوم صممت على أن أقوم بسؤالها.. لماذا النسوة عندما تقول جدتي تلك الجملة يلزمن الصمت أو تقوم إحداهن بتغيير الحديث لمجرى آخر! أتت اللحظة وكانت جدتي قد انتهت من صلاة العصر وجالسة تسبح في زاويتها المفضلة وعند الدخول عليها قمت بالسلام وتقبيل يدها وجلست بجانبها وبصوت منخفض قلت: يدتي أقدر أسألچ سؤال؟ فأجابت وهي تبتسم: شنو يعني اللهم اجعلني من هذا شيء جهالة؟ فابتسمت. فقالت: يا حبيبتي لما ما أحب اسمع كلام مو عاجبني أو مواضيع مو المفترض نخوض فيها الحديث أو بعض الحريم يتكلمن على الناس وأعراضهم عشان أسكتهم أطلب من الله أن أكون جاهلة في الكلام إلى قاعدين يتكلمون فيه، ولما أقول لهم اللهم اجعلني من هذا شيء جهالة يعني مابي أسمع وأبي أكون جاهلة من كلامهم ومواضيعهم فلما يسمعن هذا الطلب إلي أطلبه من ربي العباد بأن أكون جاهلة من حديثهم ومواضيعهم تقوم الحريم شنو يسوين؟ أجبت: يسكتن ويغيرن الموضوع.
ومنذ ذلك اليوم ارتسخت وغرست تلك الجملة في قلبي وعقلي وذاتي وأصبحت أرددها وأنفذها وأطلبها من الله عز وجل بأن يجعلني جاهلة في أمور عديدة حرمت ونهيت عنا بأن نرددها ونتحدث بها وعنها وأهمها «أعراض الناس»، ولكن في ذلك الوقت وهذا الزمن أصبحت الغيبة في أمور الناس وأعراضهم شيئا «عاديا» بل لم يقتصر الموضوع عن الحديث والغيبة فقط، بل أصبح العديد ممن يقومون بتداول تلك الأخبار والمواضيع عبر وسائل التواصل الاجتماعي بل الأعجب بأن الكثير من بني البشر أصبح يلهث وراء تلك الأخبار ليكون لديه السبق في فضيحة الآخرين التي قد تكون في بعض الأوقات ليس لها أي مصداقية في سطورها أو صورها ومتي نستدرك هذا عندما يقوموا أصحاب الشأن بتكذيب ما نشر عنهم من فيديوهات أو سطور كاذبة، ومن هنا وهناك تكون النتيجة فضيحة تلك الأسماء وذويهم، عشان جذي خلو مبدأكم: اللهم اجعلني من هذا الشيء جهالة.
٭ مسك الختام:
قالوا سكت وقد خوصمت قلت لهم
إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف
وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
[email protected]