شاركت قبل سنوات في لجنة لتقييم صورة المرأة في المناهج التعليمية، وأدركت يومها أن صورة المرأة التي تقدم لأولادنا لا تحمل رؤية واضحة لدور المرأة في مجتمعها. وبالتالي لا يتم توزيع هذه الرؤية على سنوات الدراسة، بحيث انه ما ان ينتهي الطالب من دراسته الثانوية حتى يجد ان لديه صورة متكاملة ايجابية عن المرأة المواطنة المتميزة الفاعلة في وطنها.
ابتداء، فمناهجنا تكرس صورة نمطية للام والأب، على غرار «أبي يقرأ الصحف» و«أمي تنظف البيت».هذه الصورة النمطية معيبة لعدة أسباب، أولها انها صورة لا تعكس واقع المجتمع، ففي الكويت مثلا أمي ربما لا تطبخ، بل وربما تقرأ الصحف مع ابي، وهذا مما يوقع الاولاد في حيرة. ثانيا ان ترسيخ فكرة ان أمي مكانها المطبخ والكنس، وأبي دوره القراءة والثقافة، هي قضية خطرة اجتماعيا، فمن شأنها ان تؤكد ان الأم المثالية هي فقط التي تطبخ وتكنس، مع ان الأم قد تكون مثالية لكنها لا تطبخ، وقد تكون تطبخ لكنها غير مثالية. ثالثا انها تكرس في ذهن الرجل ان يبحث عمن تكنس وتطبخ، وفي ذهن المرأة ان خير أدوارها هو ان تكنس وتطبخ، بينما هذا ليس بالضرورة صحيحا. رابعا ان هذه الصورة النمطية تعمل عكس رغبتنا كمجتمع في ان نرسخ ان العمل المنزلي هو دور الجميع، فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كان يخيط ثوبه ويخصف نعله، وبالتالي كل منا له دور في المنزل، ونحن نتشارك ونتعاون.
لقد سبق ان كتبت مقالا عن ربة البيت، وأثنيت فيه على هذا الدور الذي تضطر له المرأة أحيانا، وتختاره أحيانا أخرى، وأكدت أهمية احترام المرأة في كل أدوارها وعدم تقديم دور واحد على انه الدور الافضل أو الوحيد. من المهم ان نؤكد في مناهجنا انه يكفي الام فضلا انها تحملت أعباء الحمل والطلق والارضاع. ثم ان أعظم أدوار الأم بعد ذلك ان ترعى أسرتها، ورعاية أسرتها تعني ان تعتني بسلوكهم وتوجيههم وحمايتهم وتعينهم على صعوبات الحياة وتكافح لأجلهم، وأما أن تطبخ أو تغسل فهذا راجع لوضع الاسرة الاجتماعي، وفي حال توافر القدرة المالية وعدم حاجة الزوجة للطبخ والتنظيف فهذا لا يخل بدورها كأم رائعة.
ثم ان المناهج أغفلت الأم الموظفة، فلم تتعرض الى أن «أمي تعمل وتساعد أبي» في تحمل مصاريف المنزل، على أساس أن الأب شرعا هو الملزم بالإنفاق، بل ان أمي تعمل لأنها تشارك أبي في بناء كويتنا الحبيبة، وتغطية احتياجات المجتمع من اليد العاملة. ولا يفوتني أن أطالب بإدخال موضوع للقراءة حول الخدم الذين يعيشون معنا، ويشاطروننا زهرة شبابهم، يساعدون الأب أداء دوره كسائق وقاض للحاجات، ويساعدون الأم في رعاية الأبناء والأسرة.
ختاما، ان التغيير يبدأ في المدرسة، ضمن مناهج مدروسة، تحترم التنوع في ادوار المرأة، وتعكس واقع المجتمع وحقيقته وما يدور فيه.
[email protected]