اعتدنا في الكويت أن تكون العلاقة بين الحاكم والمحكوم ذات رباط وثيق، تلك العلاقة السامية التي تعتبر سمو الأمير والد الجميع، وكذلك احترام الدستور والقانون، وهذا ما جرت عليه كل الأحداث والخلافات التي مرت منذ تأسيس البلاد قبل ما يقارب 400 سنة مضت.
فعندما حدث خلاف في علم 1911 بين الشيخ مبارك الكبير وبعض تجار اللؤلؤ، وعدم دفع الرسوم المقررة آنذاك، وتم منع صيد اللؤلؤ، وهاجر بعض التجار إلى البحرين، سرعان ما جرت مصالحة بين رأس الدولة في ذلك الوقت الشيخ مبارك وهؤلاء التجار، ومن ثم العودة مرة أخرى للبلاد، وكذلك أحداث أخرى رافقت المجلس التشريعي عام 1938 وكان الحل بالتراضي والتفاهم.
إن «العفو» لا يصدر إلا من رجل عظيم الخلق، عزيز المكارم، حليم النفس، وذلك امتثالا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «وما زاد الله عبداً بعفو، إلا عزاً»، وقبل ذلك قول الله تعالى: (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) (الأعراف: 199).
لقد أعطى «نواف السمو» درسا رائعا لكل ذي مقدرة أو حاكم يسود الناس، أن الحكم بالحب والتراضي والتشاور الطريق الأسهل للوصول إلى قلوب الناس، وأن من يريد من شعبه دوام حبه والدعاء له هو التواصل المباشر معهم أو ممثليهم تمثيلا حقيقيا، وأعطى رسالة مهمة للنواب والحكومة ولكل من يريد خدمة الوطن والمواطن، أن التفاهم هو طريق الإنجاز، وما لا يؤخذ كله لا يترك جله، ونحن في الكويت لدينا الكثير من الملفات التي تحتاج إلى حلول عاجلة وجذرية ومشاركة الجميع، فالقضية الإسكانية والتوظيف و«البدون» والتركيبة السكانية وغيرها الكثير يمكن حلها بالتفاهم وعدم التشنج، مع المحافظة على الأدوات الدستورية المستحقة.
إن مصلحة الوطن العليا تتطلب من الجميع، حاكما ومحكوما، التفاهم والتشاور، ومن ثم الانطلاق نحو الإنجاز، وهذا ما خطه «أمير العفو» سمو الشيخ نواف الأحمد، وسمو ولي عهده الأمين الشيخ مشعل الأحمد، حفظهما الله ورعاهما، وإن شاء الله تعود الكويت درة الخليج كما كانت، بل درة العالم، بقيادتها وشعبها والمقيمين على أرضها.
[email protected]