قد لا أكون متخصصا في العلوم الشرعية مع أنني خريج دراسات إسلامية قبل نحو 26 عاما، ولكن ساءني تجرؤ بعض الناس على الإفتاء وأصبحت كلمة يجوز أو لا يجوز، وهذا كافر وهذا فاسق على كل لسان، وكأن هؤلاء أخذوا تفويضا من الله تعالى بالإفتاء.
ان الإفتاء في عهد الرسول الكريم والصحابة الكرام رضي الله عنهم والتابعين مهمة شاقة ولا يفتون إلا في أضيق الحدود، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أفتى بغير علم كان إثمه على من أفتاه».
وكان الإمام مالك بن انس رضي الله عنه إمام المدينة وصاحب المذهب المالكي إذا جاءه المستفتون بعدد من المسائل لا يجيب عنها كلها فما لا يعلمها يقول: «لا أعلم» فهذا الرد لا يسقط من هيبة الإنسان.
ومن فوضى الفتوى إلزام الناس بفتوى واحدة مع أن الأمر فيه سعة من الأمر ونستطيع أن نأخذ هذه الفتوى أو تلك وكلها على خير ما دامت صادرة من عالم شرعي ومعتبر.
ومن فوضى الفتوى اقتصار الفتوى على علماء معينين دون آخرين وعلى دول معينة دون غيرها، ولا شك أن هذا نوع من التنطع الذي لم يأمر به الله ولا رسوله.
ومن فوضى الفتوى تقديس هذا المفتي او ذاك لأنه من عقيدة المسلمين «كل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر»، وهو النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
إن جمع الناس على فتوى واحدة وتكفير المسلمين من غير حق ما هو إلا خطر كبير على الأمة يوردها المهالك.
أين دور المجامع الفقهية والحد من فتاوى هؤلاء؟ لماذا لا توضح حكم إلزام الناس بفتاوى خلافية وخطر هذا الإلزام على الناس؟ لماذا لا يفهم الناس أن كل أمر بخلاف الأصول مقبول فيه الخلاف؟ لماذا لا يتعلم الناس ان من قال: «لا إله إلا الله محمد رسول الله» فقد عصم دمه وماله.
إن ما حدث يوم الأربعاء 10 الجاري وقيام بعض الجمعيات الخيرية بذبح 1000 شاه لوجه الله تعالى شكرا على إعادة افتتاح المساجد من تبديع وحرمة وبعض الكلام الذي لا يليق هو ما جعلني أشعر بالتوتر من فوضى الفتوى واتهام علماء الكويت بالابتداع وهذا إرهاب فكري مرفوض.
ان الدول مطالبة بتعيين مفتٍ خاص لها، فاختلاف الزمان والمكان هو من مدعاة تغيير الفتاوى، ويذكر عن الإمام الشافعي انه غيّر الكثير من المسائل في مذهبه حين غادر العراق إلى مصر لاختلاف المكان وطبائع الناس.
نكشة: عط الخباز خبزه ولو أكل نصه.
[email protected]