روي عن نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم: «ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه».
فالإنسان يولد كصفحة بيضاء في كتاب وما يكتب على هذه الصفحة إلا نتاج ومداد قلم من أثر التربية والنشأة التي نشأ عليها والبيئة المحيطة به والظروف التي يعيشها من حوله، فكل هذه العوامل هي التي تصنع شخصية وفكر وتوجه هذا الإنسان وهي التي تصنع منه أما إنسانا صالحا أو شخصا طالحا.
ومما يدعو إلى الشعور بالأسف والضيق والألم ويؤدي إلى الاستهجان والاستنكار والدهشة كثرة جرائم القتل والانتحار في الكويت في الآونة الأخيرة في حين لم نكن نسمع بها إلا نادرا لأنها دخيلة على مجتمعنا العربي المحافظ المسلم فلا توجد مثل هذه الجرائم إلا في بعض الدول والمجتمعات التي اشتهرت بمثل هذه الحوادث والقتل والإجرام، ولم تكن تصل معدلات حوادث جرائم القتل وحالات الانتحار إلى هذه الأرقام المخيفة.
فهلا تساءلنا عن أسباب هذه الجرائم في مجتمعنا الهادئ المسالم وأسباب تزايد مثل هذه الحالات؟ وأين نحن من تعاليم ديننا الحنيف وتوجيهاته السامية في حفظ كرامة وحق الفرد وعدم الاعتداء عليه؟ فالمسلم أخو المسلم، لا يخونه، ولا يكذبه، ولا يخذله، وأن كل المسلم على المسلم حرام عرضه وماله ودمه، وأين تعاليم الدين أن القاتل يقتل ولو بعد حين؟ وأين «بشر القاتل بالقتل»؟ أين كل هذه الأحكام والتوجيهات الشرعية ووجودها في حياتنا اليومية؟
إذن لا بد من دق ناقوس جرس الإنذار والمعرفة والتيقن بخطر تزايد مثل هذه الجرائم في مجتمعنا، ولا بد من إيقاظ حس المسؤولية المجتمعية والمسؤولية الفردية للقضاء والتقليل من أعداد هذه الجرائم والحوادث، فلا بد لمؤسسات الدولة والكيانات المجتمعية من التعاون للقضاء على مثل هذه الحوادث بسن وتفعيل القوانين الرادعة لمثل هذه الجرائم ولا نغفل أو نلقي اللوم على المجرم وحده وتحميله كامل المسؤولية وإنما نحمل كل أطراف المجتمع مسؤولية تزايد مثل هذه الجرائم والحوادث، لأنه يساهم في زيادة هذه الجرائم مساهمة واضحة جلية.
فعندما لا تتحقق مبادئ العدل والمساواة بين أفراد المجتمع وتتفاوت فرص العمل والظروف المعيشية ما بين أفراد المجتمع الواحد، ونرى الفروقات بين طبقات المجتمع ونرى التفاوت في المجتمع الواحد ما بين الغنى والثراء الفاحش وما بين الفقر المدقع والمعاناة في تحصيل لقمة العيش، فهنا تتراكم مستنقعات الجريمة وتتولد فرص محدثات الإجرام، فأين العدالة والمساواة في توافر فرص العمل أو توفير حق التعليم وتوفير الرعاية الصحية وأن يكون حقا للجميع وتقدم لكل من يستحقها؟ أين قوانين كفالة حق عيش الفرد بكرامة وحفظ حقوقه وواجباته؟ لماذا تخضع لأهواء المتنفذين وآرائهم التي لا تحقق إلا مصالحهم الشخصية في تعطيل مثل هذه القوانين؟
لا بد لنا من الاستيقاظ والصحوة وعدم الغفلة أوالإهمال والاستهتار بأرواح الناس ولا بد من وجود هذه المسؤولية المجتمعية لاستنكار مثل هذه الجرائم والحوادث وتفعيل دور الجهات الرقابية المسؤولة التي تفعل وتضع القوانين والحلول لتحقيق مبدأ العدل والمساواة بين أفراد المجتمع الواحد وأيضا نشر الوعي وتوجيه الأفراد في وجوب الالتزام بتعاليم ديننا الحنيف الذي يحفظ حق الإنسان بالعيش بأمن وأمان. فلا بد من تضافر الجهود من وزارات ومؤسسات حكومية وشعبية وهيئات خيرية ووضع الحلول والخطط المدروسة التي تساهم بالتقليل من أعداد جرائم القتل والاعتداء وحوادث الانتحار ولا بد من تفعيل دور القنوات الإعلامية الرسمية لاستنكار مثل هذه الجرائم وتوعية الأفراد وإلقاء الضوء على مثل هذه الجرائم وحوادث الانتحار.
دمتم سالمين.
https://instagram.com/sabah.alenazi1؟utm_medium=copy_link