صالح الشايجي
«يوسف العليان» لم أنبش أكوام الذكريات في ذاكرتي حتى أتذكره، بل هو حاضر في الذاكرة على الدوام، ولم يغب منذ دخل هذه الذاكرة دون استئذان في أحد أيام عام 1966.
عامذاك، أو يومذاك، كنت في «البحرين» وكنت حديث عهد بالعمل الإذاعي، وعلمت ان الاستاذ «حمد المؤمن» سيد الإذاعة وكروانها الصداح، موجود في البحرين - أيضا، فسعيت إليه للسلام عليه، سعي التلميذ لأستاذه، رحمه الله. وعند الأستاذ وجدت «الأستاذ».
لم يكن «مع حمد قلم»، بل كان معه «يوسف»!
رجل بشوش حاضر حيوي لبق، لم أكن أعرفه، ولا هو أيضا، وحيث ان «حمد» لم يقم بتعريفنا، ظنا منه اننا متعارفان، بادر «يوسف» حمد بقوله: «ما عرفتنا على الأخ»؟!
منذ ذلك التاريخ القديم حضر يوسف العليان في ذاكرتي، وجمعتنا الأيام بعدها كثيرا في مناسبات وسفرات رسمية تطول أحيانا لأسابيع مثلما حدث عام 1978، في مرافقتنا لسمو ولي العهد - آنذاك - الأمير الوالد الشيخ «سعد العبدالله» في زيارات دول الخليج العربية، وكذلك تكررت خارطة الزيارات نفسها، مع الشيخ «أحمد الفهد» حين توليه وزارة الإعلام عام 2001.
أذكر بالخير «يوسف العليان» وأترحم عليه كثيرا، فهو عفيف وشفاف وواضح ومحب، لا يزعل ولا يغضب ولا يضمر ضغينة لأحد، كنت كثير الهجوم على «جمعية الصحافيين» وهو رئيسها، وكان كلما لقيني يلقاني بابتسامته وبصوته المرحب وبقلبه الدافئ! لم يعاتب يوما ولم يغير في أسلوب تعامله الودي معي لأنني هاجمت القلعة التي هو حارسها!
سيرته أو لمحات من سيرته التي قرأتها بعد وفاته - رحمه الله - جعلتني أندم على أنني لم أعرف الرجل بسيرته المثيرة تلك التي تغنيه، وتفتح شعابا للحديث معه.
رحم الله يوسف العليان، كان كبيرا صامتا، وسط صغار يثرثرون!