الصحوة الإسلامية في المملكة العربية السعودية بدأت بدعوة الناس للرجوع إلى الدين وانتهت إلى التسلط على الفرد ونبذ الآخر وإدخال جميع أمور الحياة تحت مجهر الفتاوى إن كان له علاقة أم لا.
وقد تأذى الكثير من ممارسات الصحويين التسلطية، حيث منعت السينما ومنعت الكتب المتعددة، ومنعت الكثير من الأنشطة الثقافية التي وصلت إلى تكسير الآلات الموسيقية بشكل همجي ومنعت المرأة من القيادة والعمل في بعض الوظائف وكل هذا تحت غطاء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يتعاطف معه الكثير من الشعب نتيجة للانغلاق الفكري وتسلط الصحويين.
ولكن الحكومة السعودية أوقفت هذه الموجة الطويلة لما فيها من ظلم وتخلف عن باقي العالم، وإثر ذلك تم إنشاء هيئة الترفيه لجلب الأنشطة الثقافية وفتحت السينما التي حرموا منها وقادت المرأة السيارة وتم إلغاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لما قاموا به من ممارسات سيئة تجاه الشعب. وتمت تلك الخطوات لأن الصحوة أصبحت ثقافة تأصلت في نفس الكثير وأن المجتمع لن يتغير من تلقاء نفسه.
ويبدو أنه في الوقت الذي تتخلص المملكة العربية السعودية من الصحوة تتبناها الكويت من خلال ممارسات عديدة مؤخرا مثل منع شخصيات ثقافية من الدخول الى الكويت بحجة نشر الإلحاد أو الاستهزاء بالدين ومطالبات بإلغاء حصة الموسيقى ومنع بيع النماذج الشخصية كونها أصناما قد تدفع بالمؤمن الى عبادتها وليست تذكارا.
وما يعزز الانغلاق الفكري بجانب الممارسات التي ذكرناها هو رقابة وزارة الإعلام على الكتب المتعددة والتي طالت حتى الأعمال الكلاسيكية مثل «مائة عام من العزلة» و«فرانكشتاين» وأيضا كتب كويتية مثل «فئران أمي حصة» و«لا تقصص رؤياك» وغيرها من كتب وروايات كويتية شاركت في مسابقات عربية، فمن المخجل أن يكون هناك كتاب كويتيون شباب رواياتهم تنافس روايات عربية وتتفوق عليها وهي ممنوعة في بلادهم.
وحتى المغردون لم يسلموا من محاولات الإقصاء، فأصبح هناك جزء من الشعب ينتقم ممن يخالفه الرأي ويحمل راية الوصاية، فحبس أنور دشتي وعبد العزيز القناعي خير مثال حتى لو كنا نختلف معهم لا يجب أن يصل الأمر إلى الإقصاء بل تعزيز الحوار المفتوح، ومن المحزن ان نرى من يعبر عن رأيه يسجن ومن يتهم بالإرهاب يتم تأهيله لإعادة اندماجه في المجتمع فيبدو ان حرية الرأي أخطر بكثير من قتل الأبرياء.
إن التحالف مع مطالبات المنع والقمع ستجني الانغلاق والتطرف وسننقل سيناريو مآسي الصحوة للكويت، فبدلا من ذلك يجب تعزيز الثقافة والانفتاح والحوار المفتوح الذي يخلق مجتمعا متسامحا فتأسيس هيئات للثقافة وإنشاء مسارح مثل دار الأوبرا لا يتوافق مع هذا الانغلاق الذي يضيق على المواطن شيئا فشيئا فهل هناك توجه إلى الانفتاح أم الانغلاق وتسليم الكويت إلى الصحويين؟
SaqerG@