الملابس صناعة بشرية يتميز بها الإنسان عن سائر المخلوقات، تعكس الذوق وترتبط بالثقافة وتتأثر بالعوامل الجوية. تفنن بها البشر وأهدرت عليها الأموال وتقام لأجلها أسابيع الموضة والأزياء في العواصم العالمية الكبرى، وكثيرا ما يكون لها ارتباط بالحالة المزاجية والنفسية.
على مختلف العصور كان اللباس عنصرا أساسيا في حياة البشر، ودليلا على نمط المعيشة والمكانة الاقتصادية، ويتمايز كل قطر بأزيائه الشعبية، ويتباين الجنسان في أصناف اللباس، ويتغير كذلك وفقا للمرحلة العمرية.
من الواضح تاريخيا أن أزياء النساء أخذت بالانحدار تدريجيا مع مرور الأجيال، فبينما كانت محتشمة تغلب عليها الصبغة الأنثوية، إلى أن أصبحت كاشفة أكثر حتى من الرجل!
ثم دخلت مفاهيم الحرية والتطور، والعجيب أنهما مقصوران على تخفيف اللباس! أما الحشمة فأصبحت اضطهادا وعقلية قديمة! وستأتيك إحداهن من بني جلدتنا وتتحدث بلساننا لتدعي بأن الاحتشام تسلط ذكوري لتقييد المرأة! وأن اللباس لا يرتبط بالقيم، فهو مجرد نسيج يحمي الجلد من تقلبات الطقس!
لو لم تكن للألبسة مقاصد لما تميزت بها بعض المهن! ولاستطاع الطبيب أن يذهب إلى عمله بلباس البحر! ولقبلت النساء حضور المناسبات بجلباب البيت! لماذا لا يظهر مذيع نشرة الأخبار بزي النادي الرياضي؟ أليس الغرض من الملابس أنها مجرد قطعة قماش؟
بعض أزياء شارعنا اليوم صارت مزيجا قبيحا شاذا لا يمت لهويتنا بأي صلة. عندما تدخل مركزا تجاريا تصدم مما ترى! كأنك دخلت قاعة استعراضية عن طريق الخطأ! إن بعض الفتيات يخرجن بملابس لا تليق بالأماكن العامة، يتعللن بالحرية وهن يتعدين على المنظر كله! إن الحرية التي تناقض آداب المجتمع هي في الحقيقة عدوان على المجتمع وسلوك مضاد، أصحابه يفتقدون القدرة على التوافق مع محيطهم ومجتمعاتهم، فلا يقيمون احتراما للذوق العام ويتسولون لفت الانتباه!
للأزياء دائما رسائل، فهي تقدم الإنسان بمهنته أو عقيدته، ودون شك ذوقه، الذوق يرتبط ارتباطا وثيقا بالزمان والمكان وهما من أهم مقاييس الأناقة. تخيل لباسا لا يضع اعتبارا للآداب العامة والثقافة، ولا يرتبط بالمكان؟ سيكون زيا مشوها مستنكرا يزعج العين ويخدش القيم الاجتماعية!
إنه لمن المحزن أن تعتقد المرأة أنها حققت الحرية عندما خرجت من بيتها بمظهر دخيل على مجتمعها، لأنها في الواقع أثبتت انقيادها لعجز نفسي، أو فكر لا ينتمي إلى شعبها.
[email protected]