كل انسان يحب نفسه، ولكن كل على طريقته وشاكلته، فصنف من الناس يحب التملك فيسعى ليكون من ذوي الأملاك وقد يفنى وهو لم يملك سوى مقت الناس وحقدهم، وهناك من يحب المنصب فيبذل قصارى جهده للحصول على منصب ولو ذل نفسه من أجل الحصول عليه فلم يكسب إلا هجاء الناس له وذمه، وصنف آخر أحب الشهرة والظهور من خلال وسائل الإعلام بشتى أنواعها وحاول بكل وسيلة كي يظهر فلم يجن إلا القدح والنقد والسخرية، هذا ما رأيناه وسمعناه عن الناس فهم يحبون أنفسهم ويسعون لإسعاد أنفسهم كل حسب هدفه ومبتغاه.
أما عبدالرحمن السميط فأحب نفسه حبا جما وأراد لها المكانة الرفيعة العالية فنظر حوله فلم ير في هذه الدنيا ما يوازي حبه لنفسه لأن الدنيا فانية فكيف يبتغي لنفسه التي أحبها أن تفنى بفناء الدنيا، فسعى الى ما هو أسمى وأعلى من ذلك فزهد في الدنيا وما فيها من زخرف ومنصب وشهرة، وطمع بما في الآخرة من نعيم دائم لا يزول ولا ينقطع، لأن كل ما في الدنيا إلى زوال، إما أن يزول عن الإنسان اول يزول عنه الإنسان، فكيف لعاقل أحب نفسه ان يترك نعيما دائما ويسعى لحطام زائل؟!
لذلك فإن عبدالرحمن السميط عمل لما هو دائم لأنه أحب نفسه فأراد لها الخير والدوام.
قال الله تعالى: (ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا) الإسراء: 19.
هذا هو الإنسان الكيّس الفطن الذي أحب نفسه فأراد لها الخير، لقد تكبد عبدالرحمن السميط المشقة والعناء وضحى براحته وتحمل عذاب السفر ومشقته وذلك كله من أجل دينه ووطنه وإنسانيته، ترك ترف العيش ولذته والمنصب وشهرته والمال وسطوته كل هذا ألقاه خلف ظهره زاهدا فيه وأراد لنفسه العزة والمكانة الرفيعة لأنه يحبها فعمل عملا يحبه الله عز وجل ويحبه الناس وتحبه نفسه وسعى يشق طريقه في القارة السوداء وأخذ يعمل من أجل من فيها وتخفيف معاناتهم ورغّب الناس في مساعدتهم وكان صادقا في قوله مخلصا في عمله، فتسارع أهل الخير وبذلوا الغالي والنفيس من أجل اخوانهم وطعما فيما عند الله عز وجل من الأجر والثواب، فكان عبدالرحمن السميط سببا لإسعاد انسان القارة السوداء وسببا لمن بذل الخير من أهل الخير، فحمل عبدالرحمن السميط خير أهل الخير للفقراء والمساكين والمحتاجين في الدنيا وحمل زادا لأهل الخير في الآخرة من الأجر والثواب، فسما بنفسه فأحبه الناس جميعا، أحبه الفقير وأحبه الغني لأنه كان سببا لإسعادهم جميعا، هذا هو عبدالرحمن السميط.
لم يكن رحمه الله طالبا للدنيا أبدا فلم يسع لعمل برامج أو دورات أو لقاءات كي يجمع الملايين ولم يظهر على الشاشات يتشدق بالكلام ويتمايل بالحركات كي يبهر الناس طلبا للشهرة والظهور ولم نر صورته في الاعلانات في الصحف والمجلات او على الباصات.
عبدالرحمن السميط رجل بسيط بذاته أحب عملا يجعله رمزا للخير وقدوة لأهل الخير في الدنيا، ونعيما خالدا في الآخرة فسعى لهذا العمل بنية خالصة فوفقه الله عز وجل لذلك العمل فأحبه الناس لأنه أحب نفسه وسعى من أجل اسعادها.
قال الله تعالى: (وجوه يومئذ ناعمة لسعيها راضية في جنة عالية) الغاشية: 8، 9، 10.
رحم الله عبدالرحمن السميط رحمة الأبرار وأسكنه فسيح جناته.