أود في هذا المقال أن أجند الحرف والقلم إلى جادة الشكر، لتمضي الكلمة والجملة على مراكب من فرح. الشكر بهجة، ونفس جديد لاستئناف العمل، واستمرار العطاء، وعمر جديد للطموح. في الشكر اعتراف بعجزنا، وقلة حيلتنا، وفيه أيضا مكمن قوتنا، واتحاد أرواحنا وبقايا إنسانيتنا التي ضاعت في زمن المادة. لم يكن الشكر يوما كباقة ورد، بل لم يرق الإهداء، أي إهداء ليكون شكرا، اعتدت أن أخصص مقالا للداعمين بين الحين والآخر. المواقف الطيبة لا تنسى وموقف الشخص القريب باحتوائه ووجوده تحير به الذاكرة لينتهي به المقام حيث الجفن والمنام ليكون أنسا ووقودا وذخيرة لأيام الجدب إن أتت. الشكر للفاعلين، لهدايا الفرح، للداعمين ولبقايا الحضور. يولد الشكر في لحظات عطائهم، إما فعلا وإما قوله، أو حتى نظرة عرفان أو رسائل ودية، أو أنه يختزل إلى حد الامتلاء فينا، ومن ثم يفترش كل أفعالنا وأقوالنا لتكون كلها مبادرات سباقة لإدخال سرور أو إحياء فرح لهم.
المرفأ الذي لايزال يستقطبني بفكري وخبرتي وشخصيتي، المرفأ الذي لا يهجر، كثير السؤال وحيوي الحضور. والدي ووالدتي ومواقف دعم وإثراء وتشجيع.
إنه المرفأ الذي لا غنى عنه ولا حياة دونه، يعزز ثقتي ويربت على أكتاف إنجازاتي الصغيرة لتكبر ويعظم شأنها والمكانة. كل فرد من أفراد العائلة ونية الشكر لا تكفي
لن يفلح شكر يعتبر الفعل قبل شخصه لن يبقى للشكر ألق مادامت النظرة مادية، نحن نشكر الأشخاص قبل فعالهم، وحتى لو عجزوا في وقت من الأوقات عن العطاء نحن نحتفظ لهم بعطاءاتهم السابقة ولا ضير أن نشكرهم على وجودهم في حياتنا من غير سابق مبادرة منهم. لو وظفنا تلك السيكولوجية للشكر في حياتنا لكانت كل العطاءات بنكهة أخرى تغلب عليها متعة العطاء فوق الاستفادة منه. ولذا فإن التعامل الأصوب مع الآخرين هو اعتبار وجودهم وتقديره قبل عطائهم والبذل، لأن قدرة العطاء قد لا تتأتى عند الأكثرين وقد لا نجد في الشخص ما يستحق الشكر بأفعاله إنما وجوده يكفي في تقديم ذلك الشكر.
صياغة الشكر مهنة الساعي، وتقديمه حرفة الماضي في سبيل عزمه، السائر في طريق الإسعاد والبذل والخير. قدموا الشكر لوجود الأحبة ولو لم يكن ثمة عطاء!
[email protected] - twitter:@shaika_a