سبق أن ذكرت في مقالة قديمة لي مراحل تطور الجنين في بطن أمه من خلال الإعجاز العلمي للقرآن، في قوله تعالى: (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين). (المؤمنون 12-14)، فمن خلال الآيات الكريمة السابقة يتبين لنا مراحل خلق الإنسان السبع ألا وهي:
٭ سلالة من طين: أي ما سل من كل تربة، والمراد هنا آدم عليه السلام.
٭ نطفة: خلية ذكرية (خلية).
٭ علقة: قطعة من دم غليظ جامد، وهي طور من أطوار تكوين الجنين، (نسيج).
٭ مضغة: وهي قطعة صغيرة من اللحم (القلب)، (عضو).
ففي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب»، فالقلب أول عضو يتكون في الجنين، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم.
٭ نشأة العظام، (جهاز عظمي).
٭ اكتساء العظام لحما، (جهاز عضلي).
٭ اكتمال خلق الجنين في بطن أمه، وإنشاؤه خلقا آخر مكتمل الأعضاء، (اكتمال الأجهزة = إنسان).
فسبحان الله لعلنا كبشر نغفل عن آيات كثيرة لا نركز أحيانا على رسالتها ونتوقف عندها، ولكنني عند قراءتي لتلك الآيات استوقفتني مرة أخرى بعلم جديد وإشارة علمية جديدة، رغم أنني كنت أقرؤها مرارا وتكرارا، حيث يقول عز وجل: (فخلقنا المضغة عظاما)، وفي إعراب الآية الكريمة السابقة الذكر أن المضغة هي العضو، وأن أول عضو يخلق في الإنسان هو القلب، فكيف في قوله تعالى (فخلقنا المضغة عظاما).
وقفة تأملية جعلتني في حالة من شغف المعرفة، فوجدت نفسي أبحث في المواقع الطبية، في آخر ما تم اكتشافه طبيا من خلال الأبحاث العلمية عن علاقة القلب بالعظام، فوجدت أن ما توصل إليه العلم الحديث اليوم في تصريح علماء من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجيليس في تقرير لهم نشروه في دورية Cell Stem Cell، أن الأنسجة الضامة في القلب يمكن أن تتحول إلى خلايا منتجة للعظام، فيساعد هذا الاكتشاف على معرفة سبب وجود ترسبات كلسية غير طبيعية ضمن صمامات أو جدران القلب لدى بعض الناجين من النوبات القلبية.
ومن ناحية أخرى، أيضا توصل الطب الحديث إلى أن هناك علاقة وطيدة بين هشاشة العظام وأمراض القلب والأوعية الدموية، حيث يقول الأطباء إن مرضى هشاشة العظام ومرضى الروماتويد (التهاب المفاصل المزمن) هم أكثر عرضة لخطر أمراض القلب والأوعية الدموية.
وأعتقد أنه ما زال هناك الكثير بخصوص تفسير الآية (فخلقنا المضغة عظاما) لم يكتشف بعد.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
lines_title@