تعرضت شمس الشرق الأوسط للسرقة منذ أكثر من نصف قرن، فغطت مجتمعاته في نوم عميق، وتحمست لقضايا مزيفة، وهتفت لزعماء كَذَبَة، ومضغت نصوصا عصيّة على الهضم والفهم، وآمنت بأفكار رثة، وأصغت لخطابات هوجاء وخطب جوفاء، ورفعت شعارات بلا معنى، وخاضت حروبا وهمية، وصدقت مواثيق هشة، وأعجبت بثورات أقرب للمسرحيات الساذجة وتراكضت في مظاهرات مسبقة الصنع.
سنوات طويلة مضت وملايين الناس في هذا الشرق تحت وطأة الكوابيس يجوعون ويعانون البطالة والأمية والتهميش فيهجرون أوطانهم أو يتعرضون للاحتقار وكسر الكرامات أو الحبس او الموت او النسيان، مشوا تحت ظلال العساكر والبكوات والأبوات والملالي وسائر العمائم حتى صرصرت الريح في أرواحهم فغدت كالعصف المأكول.
انتظرت هذه المجتمعات ناقوسا يدق او ديكا يصيح او صرخة مجلجلة او رعدا مدويا يعيد لهم صحوهم المفقود ويسترجع لهم النهار، فلا ناقوس دَق، ولا صاح ديك، ولا صرخة جلجلت، ولا رعد رعد، غير ان صفعة تلقاها شاب تونسي اسمه محمد بوعزيزي دوّت في آذان الشباب فأفاقوا من نومة الكهف وراحوا يجوبون الشوارع والميادين يوقظون الآخرين من غيبوبة الشرق الأوسط القديم ويعلنون شروق الشمس فيه من جديد.
www.salahsayer.com