صلاح الساير
تصاب المجتمعات بالامراض مثلها مثل الافراد، واذا كان المريض يتوجع ويهزل ويشحب لونه فكذلك المجتمعات تظهر عليها مظاهر العلة والسقام مثل انتشار الرشوة وغيبة القانون وضعف الشعور بالمواطنة وتفشي الفساد وسطوة الاحباط في صدور الناس وغياب العدالة وهيمنة التسلط وغيرها من الأعراض.
واذا كان من الطبيعي والمنطقي ان يقوم الفرد المريض بمراجعة الاطباء للكشف عن علته ومداواتها، فان ذلك غير متوافر للمجتمع السقيم حيث لا توجد مستشفيات او مراكز طبية لمعالجة المجتمعات، ولا يتوافر جهاز اشعة اكس للكشف عن امراضها، ولا رنين مغناطيسي يقرع جرس الخطر، وليس هناك صيدليات تصرف لها الدواء.
السجلات الطبية في المستشفيات تنطوي على اسماء المرضى ونوعية امراضهم ونتيجة العلاج، وكذلك سجلات التاريخ تنطوي على قصص ممالك ودول وحضارات سادت ثم بادت واصبحت اثرا بعد عين، الافراد عرضة للعدوى وانتقال الامراض بينهم، أما المجتمعات فمحصنة من هذه العدوى الخارجية.
المجتمعات تمرض من الداخل، وكأنها تنتحر، فتموت.