في العيادة حذره الطبيب من مغبة عدم تناول الدواء، وصارحه بأن النسيان الذي يدعيه انعكس سلبا على فحوصاته الصحية، فالرجل يسكن وحيدا وليس معه من يذكره بموعد الدواء وحين شكا الأمر لصديقته الافتراضية صاحبة الاسم المستعار في موقع التواصل الاجتماعي أصبحت تذكره كل صباح بموعد الدواء حتى تحسنت حالته الصحية بشهادة الطبيب المعالج!
***
أكرر.. قلت صديقة «افتراضية» تحمل اسما مستعارا وصاحبنا المريض لا يعرف اسمها ولا عنوانها ولا شكلها. انهما فقط يتواصلان معا في عالم غير موجود على الأرض هو موقع للتواصل الاجتماعي، يرشح لها عنوان كتاب فتقرؤه، تحدثه عن فيلم سينمائي فيشاهده، ويسمعان معا هذه الأغنية أو تلك، يبوح لها بما تطويه سريرته، وتسأله النصح في مشكلة تواجه ابنتها فيسهم بإصلاح الأمر.
***
ما عدنا نعرف: أيهما العالم الافتراضي؟ عالمنا الحقيقي الذي نعيشه بجفاء وريبة ونرتدي فيه الأقنعة أم هذا العالم المدهش الذي يسحبنا إلى شاشته، كل يوم، فندخله آمنين صادقين بعد أن صار لنا فيه صداقات وجيران وخصوم وتلاميذ ومعلمون وعشاق ومعشوقون، نحرص على أن يكون هو آخر عوالمنا قبل النوم، وعند الاستيقاظ صباحا نحرص على أن يكون أول عالم نهمس فيه.. صباح الخير.
www.salahsayer.com
salah_sayer@