في اتفاقية سايكس بيكو تم رسم جزء من المنطقة العربية توطئة لنهاية الحرب العالمية الأولى واقتسام تركة الدولة العثمانية في مطلع القرن العشرين، فخضعت أجزاء من المنطقة العربية تحت الانتدابات الاستعمارية الأوروبية. غير ان نشوب الحرب العالمية الثانية قبيل منتصف القرن أفضى إلى تأسيس دولة إسرائيل، ومع بدء الحرب الباردة اقتضى الأمر ترتيبا آخر يستدعي تغيير النظام السياسي مع بقاء التقسيم على النحو الذي جاء في سايكس بيكو.
***
كان الغرض من تغيير النظام السياسي إدخال المنطقة في نزاع دائم يحقق أمرين مهمين: الأول حماية إسرائيل، والثاني حماية منابع النفط، فكان من الضروري خلق أنظمة جديدة تزعم الحرب على إسرائيل وتهدد الدول النفطية في الخليج، والإفساح في المجال لهذه الأنظمة الوليدة للتحالف مع الدب الروسي، وبالتالي دفع الدول النفطية للالتصاق بالغرب كي يعينها ضد الخصوم الجدد الذين ظهروا فجأة في القاهرة وطرابلس ودمشق وبغداد واليمن والسودان.
***
كانت هذه العواصم العربية قد خبرت نخبا سياسية عريقة سواء تلك التي تمثلت بالأسر الملكية الحاكمة أو بالشخصيات والأحزاب الوطنية، لذلك لم يتوافر درب آخر باتجاه القصور الحاكمة وتبديل النظام السياسي سوى طريق الثكنات العسكرية. فكان رفض العرب لقرار التقسيم سنة 1947 سببا رئيسيا للانقلابات العسكرية تحت ذريعة تحرير فلسطين وجعلها (القضية المركزية للصراع العربي ـ الإسرائيلي) بمنزلة عمود الخيمة (أو الخيبة) للنظام العربي الجديد.
www.salahsayer.com
salah_sayer@