لم يكتف بقدراته التي منحها له خالقه، بل أضاف لها قدرات عظيمة تفوقها بدرجات كبيرة. فقد كان الحد الأعلى للأوزان التي يستطيع الإنسان حملها مقدارا معلوما قبل أن يبدأ الإنسان في التفكير والتجريب والتعديل حتى تمكن من صنع الرافعات الهيدروليكية التي بإمكانها حمل أضعاف أضعاف ما كان يحمله في الماضي. اعتمد البشر أزمانا مديدة على حدة أبصارهم لرؤية الأشياء البعيدة أو المتناهية في الصغر، غير أن ذلك لم يستمر فقد قام هذا الإنسان (المتحول) بالمحاولات حتى صنع الناظور والمجهر فتمكن من رؤية البعيد أو الدقيق الذي لا يرى بالعين المجردة.
***
جهازه الهضمي البشري أقرب للحيوانات العاشبة التي تأكل العشب، ومن المؤكد انه بدأ نباتيا، يأكل الأعشاب والفواكه، حتى اكتشف النار وعرف الطهي، فأصبح ينافس الوحوش اللواحم وأضحى يسبق الضواري إلى أكل اللحوم والشحوم. ماهر، بارع في صيد البر والبحر والجو. فهذا الإنسان مخلوق عجيب، تجده في قيعان البحر مع الأسماك، وفي قمم الجبال مع النسور، وبين شقوق الأرض مع الخنافس والزواحف. صنع السيارة ليزيد من سرعته، وصنع البارود ليزيد من قسوته. روض الحيوانات واستخدمها لمصالحه، فأصبح الصقر يصيد لإطعام الإنسان بعد أن كان يصيد طعامه.
***
هو أعظم الكائنات على سطح هذا الكوكب، ورغم هذه المنزلة الرفيعة إلا انه لم يخجل ولم يتردد في تقليد الكائنات الأقل منه مكانة. راقب الطيور مليا فصنع جناحا ليطير مثلها، هوى من عل ومات لكنه لم ييأس حتى صنع الطائرة وسبق الطيور. ولم يكتف بالعوم في البحر بل قلد الأسماك وغاص معها في الأعماق. ضعف نظره فصنع النظارة، تضائل سمعه فاخترع سماعة الأذن، صعب المشي عليه فصنع الكرسي المتحرك. يحلم بالغنى والثراء وحين يجمع الثروة يمارس الحمية ويتناول طعام الفقراء. كائن اعجوبي ضاقت عليه الأرض بما رحبت فطفق يجول بين الكواكب.
www.salahsayer.com
@salah_sayer