في بعض المجتمعات الأوروبية ينحني الرجل ويقبّل يد المرأة احتراما لها، وتلقى قُبلة هذا «الجنتلمان» قبولا وارتياحا لدى المرأة الأوروبية، فذلك دليل على أخلاق الرجل وفروسيته ومدى احترامه للمرأة. أما إن حدثت تلك القُبلة في عوالمنا العربية، فإنها قد تكون سببا في نشوب حرب أهلية لا تبقي ولا تذر. فالمجتمعات ثقافات وذهنيات وأفكار وقناعات تختلف إلى درجة التناقض، وما هو فضيلة هنا قد يكون رذيلة هناك، والعكس صحيح. كما يمكن ملاحظة كثرة الاختلافات بين المجتمعات البدائية وتقلصها بين المجتمعات المتحضرة.
***
أحد علماء الانثروبولوجيا (علم الإنسان) قام برحلة استكشافية إلى أدغال أفريقيا، وهناك لاحظ أن إحدى الفتيات العاريات في القرية التي زارها تضع قرطا في أذنها مصنوعا من عظم قديم، فظن انه يعود لكائن منقرض، وبعد مفاوضات مع الفتاة (العارية) وافقت على مبادلته بمجموعة سكاكر، وحالما نزعت القرط من أذنها وأعطته الرجل الغريب سارعت إلى الاختباء وراء شجرة لتستر عورتها (!) وإن كان العري مدنسا فالاختلافات لحقت المقدس أيضا، وهناك من يقدس الحجر أو النجم أو الماء أو النار وسوى ذلك من مقدسات.
***
نشتري البخور بأثمان غالية وهو في موطنه مجرد شجرة مريضة متعفنة، وفي ذلك يقول الإمام الشافعي «والعود في أرضه نوع من الحطب» والسيدة المحترمة في الهند تحرص على ستر ساقيها لترتدي الزي الشعبي «الساري» الذي يكشف عن بطنها. والسيد المسيح قال «ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان» لأنهم طلبوا منه تحويل الحجارة إلى خبز، ولو أن هذه الحادثة حصلت في شرق آسيا لطلبوا منه تحويل الحجارة إلى رز. أما أكثر الاختلافات وأغربها فيتجلى في ذائقة الأنوف، فالعطريات الزكية والمفضلة في مجتمع ما، رائحة كريهة لا تطاق لدى مجتمع آخر! عجايب.
www.salahsayer.com
salah_sayer@