اللغة الواحدة ليست شرطا أساسيا لقيام وحدة بين الشعوب، لذلك يضطر مروج المشروع الوحدوي الضعيف إلى اختلاق إضافات وهمية أخرى غير اللغة، مثل القول بالوحدة الجغرافية أو وحدة التاريخ والدم والمصير المشترك. وذلك، تماما، ما حدث لمشروع الوحدة العربية عندما حشوا أدمغتنا سنوات طوالا عن (وحدة الأرض) وامتداد الأرض العربية من المحيط إلى الخليج دون حواجز طبيعية (!) فصدق الجميع هذا الكلام الذي ينطبق على معظم اليابسة، ونظرة واحدة إلى خارطة قارة آسيا ومساحتها الشاسعة توضح لنا تفاهة هذا المحور المزيف.
***
لن أشير إلى هشاشة المحاور الأخرى للوحدة العربية، فذلك ليس من أغراض مقال اليوم الذي يحاول أن يعيد إلى الأذهان خيبة «الحلم القومي» الذي أثقل كاهل العرب منذ ما قبل تأسيس دولهم الحديثة عندما روج للفكرة الوحدوية دولتان عظميان هما بريطانيا وفرنسا بغرض إسقاط الإمبراطورية العثمانية، ومذ ذاك ونحن نلهث في مضامير السراب بلا طائل، نتحدث عن النجوم وأقدامنا تسوخ في الوحل. تحدث النكبة في فلسطين فنلعن العروبة، يغزو صدام الكويت فنلعن العروبة، تتعرض غزة للقصف فنلعن العروبة، تباد حلب فنلعن العروبة، كأننا خلقنا هذه العروبة لتكون حائط مبكى لنا!
***
نعم في الاتحاد قوة شريطة أن يكون الطريق إلى الوحدة مرسوما على أسس واضحة لا على كلمات إنشائية أو أمنيات أو أخيلة لا تصمد أمام الفحص والتفكر مثل قولنا: «التاريخ المشترك» ونحن نعرف أن بين الجزائر وفرنسا تاريخا مشتركا أكثر من التاريخ الذي يجمع الجزائر مع اليمن! وكذلك بين الخليج والهند تاريخ أعمق من التاريخ المشترك مع ليبيا! أما الوحدة الحقيقية فتنجزها المصالح المشتركة بين الدول والمجتمعات، وتجربة مجلس التعاون الخليجي تجربة مرصودة، مشهودة، وماثلة للعيان. فبعد أن حقق المجلس مصالح للناس في حياتهم، شرع الجميع يتحدثون عن الوحدة الخليجية.
www.salahsayer.com
salah_sayer@