أكثر المستوطنات البشرية كثافة تلك التي تتكون في الأراضي التي تعبرها الانهار، فحيث الماء والزروع تنشأ الحواضر والمدن وتفد الهجرات وتتزايد أعداد الناس.
بيد ان الملاحظ على المنطقة العربية في آسيا وأفريقيا هو تزايد عدد السكان رغم كثرة المناطق الجافة والصحارى التي يشح فيها الماء.
وأحسبها كثرة غير منطقية ولا تعكس نظرية «الحواضر والانهار»، خاصة إذا عرفنا ان المنطقة شهدت موجات نزوح بسبب المجاعات والحروب والاضطهاد وطلب الرزق، ليبقى التفسير الوحيد لكثرة السكان هو تفاقم ظاهرة الانجاب المنفلت.
****
تميل المجتمعات من حولنا إلى ترشيد الانجاب منذ زمن قديم يعود إلى ما قبل معرفة الحكومات بأهمية تنظيم النسل بعكس مجتمعاتنا العربية في اسيا وأفريقيا التي ترتفع فيها معدلات الولادة على نحو واضح وخطير، وذلك لأسباب دينية واجتماعية، منها هيمنة التقاليد على اذهان البشر حيث المثل الشعبي يقول للمرأة: «إغلبيه بالعيال حتى لا يغلبك بالمال»، فيطلب منها زيادة الانجاب حتى لا يقترن زوجها بامرأة اخرى.
ومن أسباب الانفجار السكاني الرغبة في المواليد الذكور، وانعدام الوعي وغياب التفكير المستقبلي وذلك واضح من ارتفاع معدل المواليد لدى الأسر الفقيرة.
****
أقترب من هدف المقال. والهدف محاولة تفسير تردي الأحوال في المجتمعات العربية استنادا إلى ما يقوله خبراء التربية وعلماء النفس الذين يربطون بين الأسرة المزدحمة كثيرة الانجاب والاضطرابات النفسية لدى الأطفال مثل «الغيرة والعنف والإحساس بالدونية»، كما ان كثرة الاطفال في الأسرة الواحدة تؤدي إلى إصابتهم بالحرمان العاطفي وذلك «يؤثر سلبيا على نمو الإدراك لديهم ويحد من تطور قدراتهم الذهنية»! لهذا ألفت نظر العلماء المتخصصين إلى فرضية ارتباط التخلف العربي بالانفجار السكاني المشهود في العالم العربي.
www.salahsayer.com
salah_sayer@