شغل المستقبل حيزا رئيسيا في قصص الخيال العلمي كما تحدثت بعض الأعمال الأدبية، والسينمائية تحديدا، عن العلاقة المستقبلية بين الإنسان والمنتجات العلمية التي ما انفك يصنعها ويطورها. وتكهنت بعض القصص بتمرد الآلات الصناعية ضد صانعيها وسيطرتها عليهم، وتحويلهم إلى عبيد وعمال سخرة في خدمة الإنسان الآلي. ومثلما يبدو فإن هذا المستقبل بدأ، فنحن نعيش بدايات المرحلة التي تحدث عنها الخيال العلمي منذ زمن، وقد اقتربت الآلة من إحكام السيطرة علينا. وجميعنا ندرك أهمية الهواتف الذكية في حياتنا. وقد تكفي الإشارة إلى الحالة الهستيرية (!) التي تنتابنا في حال فقدان هذه الآلة الصغيرة المحمولة في جيبونا.
> > >
منذ سنوات والعديد من المهتمين يتحدثون عن هيمنة مواقع الإعلام الاجتماعي على ذهنيات وسلوك البشر الذين أصيب أكثرهم بإدمان تلك المواقع عبر الأجهزة الموصلة إليها. فالهاتف الصغير (جهاز معقد وعظيم) يحتوي على آلات أخرى مثل (كاميرا، مسجل، آلة كاتبة، بث تلفزيوني، آلة حاسبة، جهاز تحديد المواقع.. الخ) وأمست هذه الآلات التي صنعها البشر تؤثر على أفكارنا ومعتقداتنا وتفرض علينا القيام بتصرفات ربما لم نعتد عليها من قبل. وقد استطاعت كاميرا الهاتف المحمول كسر خصوصية الناس الذين أصبحوا يحرصون على نشر صور رحلاتهم وطعامهم وجولاتهم ومشترياتهم استجابة لمنطق.. الكاميرا.
> > >
عن شغف الناس بالتصوير وتحكم الكاميرا بهم وقدرتها على تشكيل وعيهم ومشاعرهم وسلوكهم، ظهر قبل سنوات كاريكاتور يصور غريقا في البحر يطلب النجدة والناس على الشاطئ منشغلون عنه بتصويره بواسطة الهواتف المتحركة! وقبل أيام تحول الكاريكاتور الخيالي إلى حقيقة مرة تكشف عن خضوعنا لهذه الآلة. فالخادمة وقبل أن تهوي من حافة الشرفة إلى الأرض طلبت المساعدة من امرأة أخرى كانت تقوم بتصويرها حتى لحظة الارتطام بالأرض. وبعد الإشارة إلى الحادثة المأسوية أختم بالنكتة القائلة إن أحد الشبان تحدث مع أمه عن رغبته في الزواج من فلانة فردت عليه الأم «خلها تولي عنك هذه أمها شريرة ولا مرة في الانستغرام حطت لي لايك.. روح تزوج فلانة أمها طيبة دايما تعيد تغريداتي في تويتر»!
www.salahsayer.com
salah_sayer@