(أحدث مطار في الشرق الأوسط، أكبر مستشفى في المنطقة، أعلى برج في العالم، أطول جسر، أكبر ملعب رياضي).. وهكذا تطول قائمة التسابق نحو الريادة، وكأنها نهاية النهايات أو منتهى الأفعال الماجدة والإنجازات الخالدة.
وذلك أمر مفهوم ومقبول لو أن الزمن يتوقف عند هذا الحدث أو ذاك. غير أن عقارب الساعة مستمرة في الدوران والزمن يمضي والأيام تتعاقب.
وما كان في الأمس (أكبر أو أعلى أو أحدث أو أطول) جاء اليوم بعده ما يفوقه بالحجم أو الارتفاع أو الحداثة أو الطول. فالأيام حبلى بالجديد مذ كانت الأيام والدهور.
***
الريادة ما لم يرفدها العمل الدؤوب والعزيمة المثابرة والنشاط المستمر تتحول إلى «ربادة» وربد في المكان أقام به ولم يبرحه، و«المربد» مربط الإبل ومحبسها! وجميعنا نتذكر قصة الأرنب الذي سبقته السلحفاة بعد أن تجاوزها في بداية السباق، قبل أن يربد ويمكث في المكان الذي بلغه ليأكل الجزر والسلحفاة تمشي ببطء حتى تمكنت من اللحاق به والفوز عليه، ولم تنفع الأرنب الأربد سرعته وريادته.
وفي الناس والمجتمعات والدول مثيل لهذا الأرنب الأرنوب. وفي بلادنا الكويت مثال صارخ على هذه الربادة الناجمة عن الريادة بعد أن كانت الكويت درة الخليج والرائدة في سائر المجالات.
***
للريادة والأولوية سحر خاص لدى الشعوب المتخلفة، حيث تجد الناس يحرصون على تأكيد ريادتهم في الأزمنة القديمة وإن كان حاضرهم المتردي والتاعس لا يعكس أي أثر لتلك الريادة الزائلة التي كان مسرحها في منطقة الشرق الأوسط حيث مهد حضارات العالم القديم.
فالناس هنا لا يزالون يتنافخون وهما وفخرا بأنهم هم الذين علموا البشرية الأبجدية والكتابة والقوانين والأديان، رغم حاضرهم الرث المهلهل الذي ليست له علاقة لا بالدين ولا الكتابة ولا القانون، حيث عناكب الأمية والفوضى والجهل والتخلف تنسج خيوطها في العيون والصدور، والله المستعان.
www.salahsayer.com
@salah_sayer