قبل سنوات وأثناء جلسة مع أصدقاء دار النقاش عن (الحداثة وما بعدها) وكان معنا زميل (من ذوي النوايا الطيبة) يكتب عمودا صحافيا عنوانه (سراج) ومن شدة تأثره بما سمع قرر أن يصبح حداثيا(!) فسأله الجميع (كيف يا فلان)؟ فأجاب بحماس وانفعال انه سوف يغير اسم عموده الصحافي من (سراج) إلى (سبوت لايت)! فضحك الجميع لهذا القرار الأفكوهي الذي تذكرته وأنا أسمع عن تغيير شعار الحكومة إلى شعار جديد يحمل عبارة (كويت جديدة) للتعبير عن المرحلة المقبلة الساعية إلى تحويل الكويت إلى (مركز اقليمي رائد ومالي وتجاري بحلول عام 2035).
***
غني عن البيان التأكيد على أن النهضات الكبرى والتحولات العميقة والأمنيات الوطنية الجميلة لا تتحقق بالشعارات أو الأغنيات أو إطلاق المواقع الإلكترونية بل تتحقق عبر تطبيق الأفكار الناهضة بما يستدعي تغيير السياسات وآليات اتخاذ القرارات. فكم فكرة جميلة انتهت إلى مصير بشع بسبب طغيان دولة الموظفين التي لن تتحقق نهضة في البلاد دون وضع حد لطغيانها البيروقراطي والإفساح بالمجال لرجال الدولة لا الموظفين للمشاركة في خلق كويت جديدة ومزدهرة. فالقيادي من طراز (رجل دولة) وحده القادر على بناء الدولة أما (الموظف) فيبحث عن مجده الصغير وان تقلد أعلى المراتب.
***
لا استنهاض وطنيا دون مشاركة شعبية. فالقرار النهضوي يبقى حبرا على ورق ما لم ينبض إحساسا في صدور الناس قبل ان يتجلى في لون الشعارات وأشكالها أو العبارات المكتوبة تحتها. فالدنيا، حسب أمير الشعراء (تؤخذ غلابا) وعبر تطبيق القرارات الإصلاحية الصعبة. خاصة ان مجتمعنا المحلي منهك جدا، بعد أن تناهشته القوى السياسية بتضخيمها للسلبيات، وبعد أن أجهدته الحكومات بشعارات خاوية كثيرة مثل شعار (التطوير الإداري) الذي تلازم مع (التدهور الإداري) في البلاد. فالدرب إلى الكويت الجديدة لا تمر عبر (توسعة المطار) بل عبر تطوير الخدمات المقدمة فيه ليشعر بها الناس. انها المشاعر يا سيدي لا الشعارات.
www.salahsayer.com
salah_sayer@