نعيش تحولات خطيرة على صعيد الأفكار والآراء والمعلومات التي نتداولها. ففي الماضي كنا نحرص على معرفة مصدر الخبر الذي يحدد طريقة تعاملنا معه. فكنا نصدق الخبر الذي يأتي من مصدر موثوق ونتجاهل الأخبار الواردة من (وكالة يقولون) أما اليوم وبعد هيمنة وسائط الإعلام الاجتماعي وانتشار التطبيقات في الهواتف الذكية تحول الناس إلى وكالات أنباء. فأصبح بعضنا يصدق كل ما يصله عبر شاشة الهاتف الذكي ويقوم بإعادة إرساله دون التحقق من صدقية الخبر أو تفاهته. بعد أن أمسى (الواتساب) إمبراطورية إعلامية لا يشق لها غبار، وتحولت المقولة الشهيرة (آفة الأخبار رواتها) إلى (آفة الأخبار.. واتساتها)!
***
يقوم رئيس دولة في زيارة دولة أخرى ليجري مباحثات تخص الدولتين. فتقوم جهة ما (معادية واستخباراتية على الأغلب) باستغلال مواقع الإعلام الاجتماعي لتضيف على أخبار الزيارة أخبارا مزيفة لا علاقة لها بما يدور في المباحثات الرسمية. وتزج بين الأخبار الحقيقية أكاذيب ملفقة، فيتحول خبر التعاون الاقتصادي المثمر إلى (تنازل عن السيادة الوطنية وتأجير ثلث البلاد واتفاقية عسكرية) لتضيع الحقيقة وسط دخان التهويل. الأمر الذي يشوش على السياسة الخارجية لهذه الدولة ويربك الرأي العام فيها ويخدش صورة تحالفاتها الإقليمية والدولية.
***
قبل أيام بعث لي صديق فلسطيني يعيش في رام الله رسالة عبر (الواتساب) تنطوي على خبر يخص الكويت وقيادتها، وحين سألته عن المصدر؟ بعث لي برابط الخبر المنشور على وكالة الأنباء الكويتية (كونا) وبعد ان قرأت الخبر الأصلي اكتشفت انه لا يحتوي على (أخطر) ما جاء في رسالة الواتس (تنازل عن السيادة الوطنية وتأجير ثلث البلاد) فأدركت أن هناك من حرف وأضاف، واستغل الخبر الرسمي ليدس السم في الدسم. وبعد دقائق وصلني الخبر ذاته عبر (الواتساب) من صديق عراقي يعيش في لندن. فإذا كانت مثل هذه الأخبار المزيفة تنطلي على المثقفين.. فكيف يكون تأثيرها على العامة؟ يا للهول!
www.salahsayer.com
salah_sayer@