من الطبيعي ان يتقن سكان الأدغال والغابات صعود الاشجار، ويجيد أهل السواحل السباحة وصيد السمك، ولا غرابة في ان يعرف سكان الجبال كيف يتسلقون الصخور.
بيد ان الغريب والمدهش والأمر الذي يدعو للتأمل والاحترام خوض البدو (سكان الصحراء) عالم الغوص على اللؤلؤ في اعماق البحر.
وهذا ما كان يفعله الأجداد في منطقة الخليج العربي ومنهم سكان الظفرة في دولة الامارات العربية المتحدة وهي من منازل قبيلة «بني ياس» الكرام الذين وصفهم صاحب «لمع الشهاب في سيرة محمد بن عبدالوهاب» بقوله: «بني ياس بدو من عرب عمان وأرضهم كلها رمال وهم أهل إبل نجيبة».
****
في الأزمنة القديمة كانت سفن الغوص الإماراتية الراغبة بتشغيل البحارة على متونها في مواسم الغوص تتوجه إلى قرية ساحلية تدعى «المرفأ» في المنطقة الغربية «الظفرة»، حيث ترسو سفن صيادي الاسماك.
فكان الرجال يقدمون من مناطق متفرقة من الظفرة خاصة من واحات «ليوا» في أطراف الربع الخالي إلى «المرفأ» للبحث عن فرص عمل في سفن الغوص.
فيعبرون صحراء متلاطمة التلال العملاقة ليبحروا في بحار متلاطمة الأمواج العاتية. في رحلة كفاح اسطورية تفصح عن مقدرة إنسان هذه المنطقة.
****
تحولات مدهشة ينتقل خلالها الانسان من صحراء صفراء تسد رمالها الأفق إلى صحراء زرقاء تمتد مياهها إلى ما لا نهاية.
انها قدرة عجيبة على التأقلم والانتقال السريع من حياة البداوة والعيش في أمكنة مفتوحة تحت ظلال (بيوت الشعر أو سعف النخيل) والسير خلف قطعان الإبل والترحل والعزلة التي توفرها الصحراء إلى شكل اخر للحياة يتمثل في الانحباس والالتصاق بالخشب الرطب فوق ظهر السفينة ومشاركة الآخرين العيش في مكان ضيق لمدة اربعة اشهر.
نعم هكذا عاش الأجداد الأماجد في «الظفرة» أو في سواها من مناطق الجزيرة العربية حتى انشد التاريخ على ايقاع «عزيف الريح وهدير الموج» انشودة المجد لهم.
www.salahsayer.com
salah_sayer@