ببالغ الأسى والقلق، اطلعت على ما ورد من المركز العربي الأميركي في واشنطن، الذي اعتبر أن لبنان دولة فاشلة، ومطالبته بوضع لبنان تحت وصاية الأمم المتحدة لتقوم بتولي إدارة الدولة اللبنانية.
كما اعتراني القلق حين استمعت إلى تصريح نائب رئيس الوزراء اللبناني سعادة الشامي لإحدى القنوات التلفزيونية أن لبنان لن يكون قادرا على إعادة أموال جميع المودعين ـ تصريح غير مسؤول على لسان مسؤول!
ومن منطلق محبتي ووفائي للبنان أرضا وشعبا، كوني جئت لاجئا وأهلي من فلسطين إلى هذا البلد مذ كان عمري عشر سنوات هربا من بطش الإرهاب الصهيوني وعمليات الإبادة التي اقترفتها العصابات الصهيونية، أجد نفسي معنيا بكل هذا، ولو أنني لست حياديا كمتضرر أيضا جراء الأزمة الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي حلت بلبنان وشعبه منذ أواخر سنة 2019، خاصة أن أكثر من جهة لبنانية، فوضتني للانتصار لها والدفاع عن قضاياها جراء فقدانها ادخارات وتعب العمر على مدى عقود.
وبحكم وضعي السابق على مجلس الاتحاد الدولي للمحاسبين (نيويورك)، واللجنة الدولية لمعايير المحاسبة (لندن)، وكرئيس للجنة الأمم المتحدة للمعايير والإبلاغ (نيويورك) ورئيس لمجمع المحاسبين العرب (لندن)، فأنا معني بسمعة لبنان وشعبه الأصيل بحاضره ومستقبله.
وبما أن «العقد شريعة المتعاقدين»، فإن حل الأزمة المالية في لبنان، واستعادة المودعين لأموالهم تستدعي إلغاء قانون سرية المصارف، وبالتالي تمكين القضاء من تحديد المسؤولين عن الاستيلاء على أموال المودعين لإعادتها إلى أصحابها، الأمر الذي سيؤدي إلى استعادة الثقة بلبنان وإقامة العدالة فيه.
وبحكم العقود الملزمة بين البنوك والمودعين، فإن مسألة الهاير كات Hair Cut والكابتال كونترول Capital Control ما هي إلا هرطقة تعبر فقط عن أضغاث أحلام مطلقيها وتهدف إلى التعمية عن المسؤولين الحقيقيين عن الارتكابات والتعديات على حقوق المودعين والتي شكلت في الوضع الذي وصلت إليه جرائم مالية واقتصادية ضد الإنسانية.
وعلى ضوء ذلك، أكرر استعدادي التام لمقاضاة أي جهة تضع يدها على حقوق المودعين أو في حال سمح بذلك، وأشدد على أنه لا فرق بين مودع صغير وكبير في القانون، طبقا للعقود المبرمة بين المودعين والمصارف، وأن ليس من حق أي دولة إسقاط اتفاقات تمت، وأن الودائع عندما تستحق يجب تسديدها بفوائدها.
وبما أن المودعين وجمعية «صرخة المودعين» وجبهة جمعيات المودعين قد منحوني ثقتهم وائتمنوني على قضيتهم التي هي قضيتي أنا أيضا، سأقيم مراجعة و/أو شكوى جماعية ضد المنظومة المالية الراهنة في لبنان، لإنصاف المتضررين والحفاظ على أموالهم، لأن الأموال لم تتبخر بل انتقلت من حسابات لأخرى وان الاستيلاء عليها يشكل بحده الأدنى انتهاكا لحقوق الإنسان وبحده الأقصى جريمة ضد الإنسانية.
وأسجل هنا تعاون وزير شؤون المهجرين عصام شرف الدين الذي بذل جهودا في هذا المجال، ودعم تفويضي بقيادة تحركات المودعين التي تضم اكثر من 500 ألف مودع ضمن إطار قانوني، وصولا للمطالبة وتحصيل الأموال المجمدة وفوائدها المتراكمة منذ سنوات في البنوك اللبنانية.
ولتحقيق تلك الأماني، قمت وعلى نفقتي الخاصة بتكليف «طلال أبوغزالة القانونية» بالاشتراك مع فريق من المحامين في لبنان وفرنسا والأردن، لإجراء الدراسات اللازمة لتوصيف الجرائم المرتكبة بحق المودعين واتخاذ الإجراءات اللازمة والملزمة، أمام المراجع القضائية الدولية ومنظمات حقوق الإنسان كافة.
وباشر فريق المحامين المكلفين بجمع المعلومات وتوثيق الحالات الإنسانية والاجتماعية للمتضررين، كما وثق الفريق المواد القانونية والاتفاقيات الدولية لاسيما اتفاقية منع جرائم الإبادة الجماعية واتفاقية روما، واتفاقية محاربة الفساد وتبييض الأموال لأجل بيان وتحديد الوصف الجرمي وما يشمله.
وسيقوم الفريق المكلف بتقديم مراجعة و/او شكوى جماعية في كل من لبنان وفرنسا وسويسرا ومجلس حقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة واي دولة أخرى معنية لاسيما ان من بين المودعين، آلاف الأشخاص من جنسيات مختلفة مما يعطي طابعا دوليا للجرائم المرتكبة بحقهم، فور استكمال الوثائق اللازمة، بتهم جرائم الفساد وتبييض الأموال وتهريبها، إضافة الى اعتبارها دوليا جريمة مالية ضد الإنسانية، ورفعها إلى المدعي العام لدى المحكمة الجنائية الدولية لاتخاذ القرارات المناسبة.
[email protected]