لم تتوان الكويت وحكوماتها المتعاقبة على مدى 31 عاما عن البحث عن رفات الأسرى والشهداء الكويتيين والبحث من خلال المسؤولين عن مصيرهم، ولم تبتعد الدولة عن واجبها المقدس في إرجاع رفات مواطنيها الشهداء من العراق ذلك البلد الجار الذي غزا الكويت 1990 ضاربا بعرض الحائط المواثيق والمعاهدات والاتفاقيات الإنسانية والدولية والأممية، ودافعا بجيشه في ليلة ظلماء يفتقد فيها البدر ليعبر الحدود ليقتل ويشرد ويأسر.. وتعود ذكرى الغزو العراقي الغاشم على الكويت ذكراها الـ 31، ذكرى تتجدد بها الأحزان لفقد الشهداء الذين ضحوا بحياتهم من أجل تحرير الكويت، والذين لاقوا حتفهم تحت التعذيب على يد النظام الصدامي البائد.
كلمات تأبينية.. بهذه المناسبة تخرج موجعة من أعماق الروح لتكتب على الورق لتجسد معاناة الشعب الكويتي أثناء الغزو الصدامي على الكويت عام 1990 المرارة والقتل منذ اليوم الأول للعدوان الغاشم، من خلال قتل الأبرياء وإشعال الحرائق وبسط القوة العسكرية على الأرض ومحو جميع أشكال مقومات الدولة المدنية المعترف بها في العالم والأمم المتحدة، وقد تعود الذكرى محملة بالحزن والأسى على من فارقونا من الأبناء والبنات والأخوات والأمهات ممن كتبت أسماؤهم بأحرف من نور الحرية، وكانت المرأة الكويتية ومازالت نبراسا في سماء العمل المقاوم الوطني.
فمنذ ما قبل عام 2019 عملت الحكومة مع الحكومة العراقية الحالية على البحث والسعي للتعرف على رفات أبنائنا الشهداء وإعادتهم ودفنهم في أرض الكويت، هؤلاء الأسرى كانوا قد اعتقلوا أثناء الغزو العراقي على الكويت عام 1990، وقد تم جلب رفاتهم من العراق ضمن رفات الشهداء التي سبق الإعلان عن التعرف عليها في شهر نوفمبر 2020 وشهري يناير ومارس 2021 من العام الحالي.
ولربما أعول على الجيل الجديد بأن يشعر بقيمة المسؤولية الوطنية الكاملة ومعرفة تاريخهم الكويتي وبطولات أسلافهم، وما حصل في عام 1990 من اعتداء سافر على الكويتيين في عقر دارهم والتضحية التي قدمت لتحرير الكويت من براثن الغزو الصدامي الجار.
وكنت قد كتبت مقالا حول هذه المناسبة في 5 أغسطس 2016 في جريدة «الأنباء» تحت عنوان «متحف إلكتروني للغزو والجيل الجديد».. دعوت فيها إلى إنشاء تطبيق وطني يضم متحفا إلكترونيا وثائقيا كاملا لما حدث بين الثاني من أغسطس 1990 و26 فبراير 1991، يحفظ كل التاريخ الدموي والانتهاكات الإنسانية ضد الكويتيين الشرفاء من صور واخبار وأفلام مرئية وتصريحات ومؤتمرات وملتقيات دولية وجهود بذلت كانت لأجل تحرير الكويت، وذلك ليعود 2 أغسطس من كل عام تاريخا شاهدا على الغزو الصدامي الغاشم ولتعظم مشاعر حب الوطن في قلوب أبنائنا وأجيالنا القادمة.. حفظ الله الكويت من كل مكروه، ورحم شهداءها الأبرار.
[email protected]