اجتياح من نوع آخر.. ليس باجتياح عسكري ولا غزو ثقافي، بل وباء قاتل بفيروس مهجن، استشعر خطره وأعراضه المواطنون بعد أن صدر إلينا عبر القادمين من الدول التي أعلنت عن انتشار الوباء فيها بشكل كبير، بل بجميع الأقاليم في بلدانها، ومنها الصين وإيران وإيطاليا وفرنسا وبعض الدول العربية مثل لبنان ومصر، وبعض الدول التي تعتبر أقل في عدد الإصابات جراء العدوى.
ومع الإجراءات الاحترازية والوقائية التي اتخذتها الحكومة، بعدما تداركت وقوعها في خطأ إجرائي، اعتبره البعض ضررا على الأمن القومي وهذه حقيقة، وليست فرية، حيث تم التراخي في بداية الأمر بترك كثير من المواطنين والمقيمين المصابين بالخروج للحجر المنزلي، ومن اتخذ هذا الموقف بضرورة ترك المصابين لبيوتهم، أضر بهم وبأسرهم قبل أن يضر بالمجتمع الكويتي وأمنه الصحي، فطبيعة الفيروس تنتشر بطريقة سريعة، لاسيما لكل من يقترب ويلامس المصاب وأدواته الشخصية، وبعدها قامت الحكومة من خلال أجهزتها المعنية برفع جاهزيتها من حيث علاج المصابين وتحويلهم إلى محاجر صحية كانت بالأصل منتزهات بهدف القضاء على الفيروس وتقديم الخدمات الطبية وفق إطار التعاون المشترك بين مؤسسات الدولة.. وبالحقيقة أثني على الجهود الحكومية لمعالجة المصابين ورفع جاهزية المستشفيات لاستقبال المرضى، وأشير هنا الى أن الجاهزية ارتفعت حتى على مستوى المستوصفات الحكومية داخل مناطق الكويت.
وقامت وزارة الصحة مشكورة بتقديم التقارير حول الحالات والإصابات يوميا، وهذا إن دل فإنه يدل على مدى الشفافية التي تتمتع بها الكويت، لتطمئن المواطن والمقيم، وتشير آخر الإحصائيات المحلية إلى أن انتشار الفيروس شبه متوقف.. ولله الحمد، ومع تكاتف الجهود الدولية لمحاربة الفيروس ومنع انتشاره، أبارك القرارات التي اتخذتها الكويت بتعليق الطيران من وإلى البلاد المتفشي فيها الفيروس.
وعلى المستوى المحلي الداخلي «الجهوزية» إلى جانب توفير الكمامات والأدوات الوقائية والمعقمة للمواطنين وهذه البادرة جاءت لصرفها عبر بطاقات التموين للمواطنين، ولم يغفل وزير التجارة خالد الروضان عن محاسبة الصيدليات بالاطلاع على تسعيرة كل الأدوات التي من شأنها المحافظة على صحة المواطن والمقيم، وذلك يحسب من ضمن الجهود التي قامت بها الحكومة للوقاية من انتشار المرض.
وفي وقفة جديدة، طرح على مجلس الوزراء في اجتماعه الأخير، اقتراحات بشأن العام الدراسي الحالي والعودة إلى المدارس سعيا فيما يصب بمصلحة صحة ومستقبل أبنائنا الطلبة والطالبات، واللافت هنا ما جاءت به الإجراءات التي اتخذتها دول مجلس التعاون الخليجي، محل إشادة وتقدير مشكورة الجهود، ومنها تمديد العطلة الدراسية لحين التوصل لكيفية الحد من انتشار الفيروس الوبائي، بتوفير أساليب متطورة بكشف المرض والتوصل لأمصال تحمي الطلبة، قامت بتطبيق نظام نوعي «الدراسة عن بعد» عبر المنصات التربوية الإلكترونية، تحت مظلة المسؤولية الأسرية والمدرسية، وتعتبر هذه الخطوات نقلات نوعية لأبنائنا لو طبقناها فعلا في الكـويت.
يأتي ذلك من حيث توظيف العالم الرقمي في الدراسة التي حال انتشار فيروس كورونا.. دون متابعة العام الدراسي بحضور الطلاب والطالبات إلى مقاعد الدراسة.. الأمر استثنائي في ظل انتشار الفيروس القاتل، لذا اعتماد الدراسة عن «بعد» وسيلة ناجحة بكل المقاييس بل انطلاقة جديدة لأبنائنا ليكونوا باحثين متلقين للعلم عبر الأكواد الدراسية الإلكترونية، مما يفتح أفقا جديدا للعلم دون الجامعي، دفعا لبناء عقول تهتم بطرائق البحث والتلقي العلمي منذ الصغر، فهل تنجح الحكومة بمحاربة الفيروس وحفظ سلامة أبنائنا؟
نسأل الله السلامة للجميع.
[email protected]