بعيداً عن موقع منطقة جليب الشيوخ الاستراتيجي باعتبارها اقرب منطقة الى مطار الكويت الدولي، فإنها تظل جزءا من احدى أغنى الدول في العالم، من الصعوبة لأي شخص يرى صورا لهذه المنطقة والتجاوزات الفاضحة والإهمال والعشوائية والقاذورات ومياه الصرف الصحي ويظن ـ ولو للحظة واحدة ـ انها تقع ضمن حدود الكويت الثرية.
منطقة الجليب اختطفت بفعل الإهمال الذي امتد ولا يزال لعقود، ومع تدفق عشرات الآلاف من الوافدين اليها رويدا رويدا، اضطر غالبية المواطنين ـ ان لم يكن جميعهم ـ الى هجرة المنطقة والبحث عن أماكن اخرى للسكن حتى ولو بالإيجار لأنهم وجدوا أنفسهم غرباء في وطنهم وفي بيئة غير نظيفة.
الوافدون الذين تدفقوا على المنطقة وأغلبهم من العمال الآسيويين وجدوا الفرصة مواتية أمامهم لعمل أي شيء وكل شيء، وانطلق في قول ذلك من واقع حملات أمنية أشرفت عليها بشكل شخصي خلال وجودي على رأس عملي في وزارة الداخلية كوكيل مساعد لقطاع الامن العام بالوكالة ومديرا لأمن العاصمة، فخلال الحملات التي كنت أشارك فيها واشرف على بعضها كنا نشاهد ونضبط كل ما يمكن تخيله، فهناك قسائم مخصصة للخمور وأخرى لاحتجاز النساء والاتجار فيهن، ونجد مغيبين بفعل المخدرات وأنواعا غربية من السموم المخدرة بأنواعها، ونجد قسائم وقد تحولت الى كراجات واخرى كمخازن للمهملات والمسروقات والآلاف من المخالفين لقانون الاقامة ومطاعم تدار داخل الغرف المغلقة، هذا الى جانب آلاف المحلات التي تعمل بالمنطقة من دون ترخيص وداخل السكن الخاص.. إلخ.
وزارة الداخلية كانت ولا تزال تبذل ما في وسعها للحد من التجاوزات في هذه المنطقة، ولكن يد واحدة لا يمكن ان تصفق، وبالتالي لن تستطيع بمفردها السيطرة الكاملة على التجاوزات نظرا لضخامة المخالفات وتشعبها.
السؤال الأهم: هل عودة منطقة الجليب وغيرها من مناطق انتشار وتضخم الوافدين العزاب بها الى احضان الوطن بالأمر المستحيل؟ الإجابة: نستطيع ذلك، فقط نحتاج الى الارادة في حل المشكلة وان تعطي الدولة المشكلة الاهتمام والأولوية التي تتناسب مع خطورتها وان تمضي الدولة بخطى متسارعة في إقامة مدن عمالية منظمة ومراقبة ومتكاملة الخدمات، وان تكون للدولة اليد العليا، ويفضل منح شركات خاصة سلطة رقابية على هذه المدن، ايضا لابد من تعويض اصحاب القسائم في الجليب وغيرها، ولا بأس في ان تضحي الدولة مقابل ان تستعيد منطقة الجليب وبعض المناطق الأخرى التي تركها المواطنون للوافدين وهجروها.
آخر الكلام: بدأ أول من أمس موسم إقامة المخيمات، ونأمل من جميع المواطنين الحفاظ على البر وتجنب استخدام «البقيات» من قبل الأطفال والمراهقين، والتعاون مع «الداخلية» حال رصد تجاوزات او أشخاص مشتبه فيهم مع تجنب الاحتفاظ بأغراض ثمينة قدر المستطاع.